خبراء : الغاز الطبيعي.. حجر الزاوية في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة
الجزائر – قنا :
أكد عدد من الخبراء في مجال الطاقة أن الغاز الطبيعي يمثل حاليا حجر الزاوية في عملية التحول إلى الطاقة النظيفة التي يشهدها العالم، ويتميز الغاز بقدرته على توفير المرونة اللازمة لمواجهة تذبذب إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، ويضمن نظاما كهربائيا أكثر استقرارا وكثافة، والأهم بالنسبة للبشر والطبيعة أنه يحتوي على كمية أقل من الانبعاثات الضارة، هذا إلى جانب تعدد استخداماته.
ويعتبر الغاز الطبيعي، حتى الآن، أبرز مصدر للطاقة النظيفة، فهو آمن واقتصادي وصديق للبيئة ، وقد أدى التطور التكنولوجي والصناعي الذي يشهده العالم إلى زيادة استخدامات الغاز الطبيعي، وتسهيل إمكانية نقله عن طريق خطوط النقل، ليكون وقودا، وبديلا آمنا للمحروقات الأخرى التي ما تزال تستعمل في توليد الطاقة الكهربائية وفي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وفي هذا السياق، قال السيد أحمد طرطار الخبير الدولي في مجال الطاقة، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن الغاز الطبيعي منتوج أحفوري غير ملوث بالأساس، ويحتوي على نسبة انبعاثات كربونية ضئيلة، كما أنه يستخدم بوصفه مصدرا نظيفا في مسار التحول إلى الطاقة النظيفة باعتبار أنه يدخل في تشكيل العديد من منتوجات الطاقات المتجددة المستهدفة كالهيدروجين الأخضر والأمونيا بكل أنواعها، كما أنه أساسي في تشكيل الكهرباء، “وبالتالي فإن الغاز الطبيعي مرافق لعملية التحول الطاقي المنشود”.
وأضاف أن “صناعة الغاز الطبيعي ستلعب دورا كبيرا في نظام الطاقة في المستقبل أكبر مما هو عليه اليوم، بحيث يمكن نقل الغاز الطبيعي المسال بسهولة عند الحاجة إليه والأكثر من ذلك أن الانبعاثات الكربونية من الغاز الطبيعي أقل بنحو 50 في المئة في المتوسط عنها من الفحم عند استخدامه لإنتاج الكهرباء”.
ومن جانبه، قال البروفيسور عبد الرحمن مبتول وزير الطاقة الجزائري السابق والخبير الدولي، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الشركات العالمية الكبرى في مجال الطاقة تتسابق للظفر بالاستراتيجيات الحديثة التي تحد من الانبعاثات الكربونية، والتوجه نحو الطاقات المتجددة وصناعة الغاز وتسويق الغاز الطبيعي كبديل نظيف للفحم، كما تعمل شركات الطاقة الكبرى على خفض انبعاثات الميثان.
وأضاف أن “الشركات الكبرى المنتجة للغاز تسعى إلى تحقيق انبعاثات /قريبة من الصفر/ من غاز الميثان بحلول عام 2030″، كما أن صناعة الغاز لها مستقبل كبير على مستوى العالم خاصة بين سنتي 2040 و2050 حيث سيشكل الغاز والطاقات المتجددة مع الهيدروجين، حينها، نسبة 70% من الاستهلاك العالمي وهذا حسب آخر الدراسات التي وصلت من الولايات المتحدة والتي تستبشر خيرا بهذه المادة الطبيعية التي سيصبح تحويلها إلى مواد يومية واقعا قريبا”.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إنه بينما يتجه معدل نمو الطلب على النفط الخام إلى الانخفاض، فإن معدل نمو الطلب على الغاز الطبيعي والمسال سيكون قويا وكبيرا في السنوات القليلة المقبلة.
وتتوقع الوكالة وصول الطلب على النفط والغاز إلى ذروة ارتفاعه بحلول عام 2030 في ضوء السياسات الحالية للقضاء على الانبعاثات الكربونية، وجهود مكافحة تغير المناخ. وقالت في تقرير خاص صدر مؤخرا إن اتخاذ إجراءات أكثر قوة لمواجهة التغير المناخي سيؤدي إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط والغاز، كما أن التزام الحكومات بأجندتها المناخية على المستوى المحلي من شأنه خفض الطلب على كلا النوعين من الوقود بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2050 مقارنة بمستواه الحالي، كما أن الاعتماد على استخدام طاقة النفط والغاز قد يتراجع بنسبة 75 في المئة بحلول نفس التاريخ في حالة نجاح جهود الحفاظ على متوسط درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية، والوصول إلى هدف القضاء التام على الانبعاثات الضارة بحلول منتصف القرن الحالي.
ويعرف مشهد الطاقة العالمي تحولا لافتا نظرا لعدة عوامل، منها تزايد وتيرة تغير المناخ، وارتفاع الطلب العالمي والأزمات الدولية وآخرها الحرب في أوكرانيا.
وفي هذا السياق قال البروفيسور بوخالفة يايسي المدير العام لمجمع الطاقات الخضراء الجزائري، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الحرب في أوكرانيا لعبت دورا في تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة، وقد صنف الاتحاد الأوروبي الغاز الطبيعي مصدر طاقة نظيف، فضلا عن تشجيع الاستثمارات البنكية في هذا المجال، شأنها شأن طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأضاف: “صناعة الغاز في تطور متسارع وأدعو الدول العربية الغنية بالغاز إلى الاستثمار في هذا المجال وتسخير الإمكانيات اللازمة للاستفادة من هذا التحول في مسار الطاقة لأن ذلك سيعود عليها بأرباح كبيرة”.
وتابع: “نعاني من أزمة مناخية حادة، ونرى سلبيات الاحتباس الحراري تتجسد أمامنا، لذا فإن صناعة الغاز من أهم المخارج التي لا غنى عنها وهو الرهان الذي تراهن عليه أوروبا بصفة خاصة نظرا للضرر الذي لحق بها بسبب الحرب في أوكرانيا، وانقطاع إمدادات النفط الروسي.. العالم سيشهد طلبا أكثر وأكثر على الغاز الطبيعي منه على الفحم والبترول وهنا يكمن جوهر التحول في مسار الطاقة”.
وفي ظل تزايد الضغوط على صناعة الهيدروكربونات من أجل إزالة الكربون، فإن سوق الغاز قد تشهد مرونة في الطلب، كون الغاز ما زال أمامه دور مهم في تعزيز إمدادات الطاقة العالمية مع التحول إلى المصادر المتجددة، بصفته مصدرا موثوقا وأقل أنواع الوقود الأحفوري إطلاقا للانبعاثات.
ولطالما تم وصف الغاز الطبيعي بأنه نقطة انطلاق جيدة لعالم يتطلع إلى استبدال الفحم بالطاقة المتجددة، وتقول النظرية إنه مع بناء مصفوفات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح، يمكن أن يكون الغاز الطبيعي بديلا فعالا لأنواع الوقود “السامة” مثل الفحم، وفي بعض الحالات، النفط والتي تهدد البشرية من كل جانب.