تُرى هل يُمكن للاقتصاد الإسلامي أن يُقدِّمَ حُزمةً من المناهج والسلوكيات النموذجيّة على مُستوى الفرد والمُجتمع والدولة والأمة، ما يُسهم في حل مُختلِف الإشكاليات الاقتصاديّة المحليّة والعالميّة، ويُيسر ديناميكيات التنافس الاقتصادي الدولي الشرس، كالدائر حاليًا بين الصين والغرب بقيادة الولايات المُتحدة الأمريكية؟.

والإجابة المبدئية: لِمَ لا؟، فهو يمتلك مفاتيح الحل لكل إشكاليات النشاط البشري، بما فيها التحديات الاقتصادية الدولية المُزمنة، واللصيقة بالنظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي وخصائصه الدورية التي تبرز على شكل: تأرجحات مُزمنة، رواج وركود وكساد وانتعاش، ثم شلل أسواق وتضخم وبطالة يليها انهيارات عملة وتراجع القوة الشرائية، وانحسار الإنتاج نتيجة انخفاض الطلب والدخل وتراجع الاستثمار وتدهور المعيشة، ناهيك عن فجائية العقوبات الاقتصاديّة المُسيسة التي تُفرض من حين لآخر على بعض الدول، وغيرها. ورغم كل تلك الظواهر الدوريّة، فما زال هو النظام المُهيمن على الحياة الاقتصاديّة لغالبية شعوب العالم. ولذلك في الواقع، إن شرط نجاح ونفاذ الاقتصاد الإسلامي، أن يتم تطبيقه أمميًا، أي عبر دهاليز وقرارات الأمم المُتحدة الرسمية النافذة، (وهذا ربما يكون في ظل الأيديولوجيات والمُعطيات الدولية الراهنة، سيكون بالطبع “عشم إبليس في الجنة”). رغم أنه من الناحيتين النظرية والعملية، فالاقتصاد الإسلامي يحوي مُقوّمات القوة العالمية – (رغم ضعف أمته الحالية سياسيًا) – كما أن لديه القدرة الذاتية على التحوّط والوقاية من الوقوع في مُختلِف الإشكاليات الاقتصاديّة مُسبقًا، ما يسعف النهوض بالأمم ويُجنّبها الكوارث الاقتصاديّة المُفاجئة. الاقتصاد الإسلامي من خلال تشجيعه على الشفافية والعدالة، في كافة المُعاملات والصفقات التِجارية المحلية والدولية على السواء، فإنه يسعى دائمًا وأبدًا لدعم وتعزيز التجارة العادلة المُنصفة لحقوق كافة أطراف التعامل التِجاري والاقتصادي، ويحجم قدر الإمكان، بالقانون والسلطة، كافة المُمارسات الاحتكارية سواء – احتكار القلة أو الاحتكار المُطلق – التي قد تؤدّي بنهاية المطاف إلى تفاقم المُشكلات الاقتصاديّة وحدوث الاضطرابات الاجتماعيّة. كما يُحفز الاقتصاد الإسلامي على التعاون والتضامن بين الدول قاطبة، وهذا ما يُساعد على تعزيز العَلاقات الاقتصاديّة الدوليّة والإسهام في وضع حلول مُشتركة لكافة التحديات العالميّة.

علينا أن نُدركَ جيدًا أنه عبر فريضة الزكاة على المُسلمين والصدقات وأوجه إنفاق الخير التي يقومون بها، يرمي الاقتصاد الإسلامي إلى إعادة توزيع الثروة، وتحجيم الفوارق الاقتصادية، تفاديًا لاحتدام الصراع الطبقي في المُجتمع، وتقليل مُستويات الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعيّة محليًا وعالميًا.

ومن خلال حظره الربا، وتشجيعه على المُشاركة في المخاطر والأرباح، وحثه على المُرابحة والمُشاركة والإجارة، فإن الاقتصاد الإسلامي بذلك يحجم التأرجحات المالية، ويعمل على تعزيز استقرار السوق المالية. وفي مجال الاستثمار، يدفع الاقتصاد الإسلامي إلى الاستثمار الحلال المسؤول الذي يضمن العدالة الاجتماعيّة والتنمية المُستدامة، وَفقًا لمعايير الشرع الإسلامي القويم، التي تحظر القطاعات الضارة بحياة المُجتمع مثل: الكحول والقِمار وتبييض وغسل الأموال، باسم الترويج السياحي، وتنويع قاعدة الدخل الوطني، وغيرها من الآفات الاجتماعيّة التي تُبعد الإنسان عن القيمة الأخلاقية، وتُقرّبه كثيرًا للقيمة المادية الدنيوية، هذا إن لم يكن مُلتزمًا بدينه كي يحفظه ويعصمه من الأخطاء.