موسم الندوات يناقش ازدواجية حقوق الإنسان لدى الغرب
السفير حسام زملط: العدوان على غزة كشف انهيار النظام الغربي
د. الكواري: الغرب صدر فكرة حقوق الإنسان كبديل ليوتوبيا
الدوحة – أشرف مصطفى:
بحضور سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، اختتمت مساء أمس فعاليات موسم الندوات في نسخته الثالثة التي نظمتها وزارةُ الثقافة خلال الفترة من 6-9 مارس الجاري. ويعتبر موسم الندوات الذي تُنظمه وزارةُ الثقافة للعام الثالث على التوالي، حلقةً مُضيئةً في سلسلة هذا الإبداع الثقافي والأدبي والفني، بترجمته رؤية وزارة الثقافة الهادفة إلى تعزيز الهُوية الثقافية والفكرية لأبناء الوطن، ودعم المشهد الثقافي عبر مدّ جسور التواصل بين المُثقفين والمُفكّرين، وقد شهدت الليلة الأخيرة من موسم الندوات ندوة بعنوان «ازدواجية حقوق الإنسان في الذهنية الغربية»، بمُشاركة كلٍ من الدكتور محمد سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان، والدبلوماسي الدكتور حسام زملط سفير فلسطين لدى المملكة المُتحدة، وسط حضور جماهيري كبير.
دعاية مُغرضة
استهلَّ سعادة السفير حسام زملط، سفير فلسطين في لندن، مُداخلتَه بتوجيه الشكر إلى سعادة وزير الثقافة على دعوته للمُشاركة في موسم الندوات، مُثمنًا المواقف التاريخية لدولة قطر. وقال إنها مواقف مُحترمة نبني عليها. وتعرّضَ لجرائم الاحتلال «الإسرائيلي» على غزة، مؤكدًا أن هذا العدوان كشف الوجه الحقيقي للاحتلال رغم كل الجهود التي بذلها من حملات لتكريس صورته، حتى تصدّعت هذه الصورة وانكشفت على حقيقتها أمام الرأي العام العالمي، وقال: إن الخطورة في الأمر تكمن فيما ظهر بأن هناك يهودًا يُعارضون ما يقوم به الاحتلال، كما أن الصهاينة الذين يقومون بجرائمهم ليسوا جميعهم يهودًا. مؤكدًا أن صورة «إسرائيل» لم تكن هى الوحيدة التي تهشمت، بل إن عدوانها على غزة كشف أيضًا انهيار النظام الغربي. ورفض د. حسام زملط ما يتردد بأن الغرب وحده هو من يملك القيم الإنسانية، مُشيرًا إلى أن تلك الصورة انهارت مع صمته على جرائم «إسرائيل» في غزة. وأكد أن «إسرائيل» خلقت قواعد جديدة للحروب، تجلى ذلك في طريقتها بالتدمير وقتل الأطفال والنساء إلى غير ذلك، وسط صمت وفشل للنظام الدولي. وحول ما إذا كان هناك وعي غربي تجاه دحض السردية «الإسرائيلية»، قالَ السفير حسام زملط: إن «إسرائيل» ليست لديها سردية، وإنها تعتمد على الكذب والدعاية المُغرضة.
مُشددًا على ضرورة فضح التزوير «الإسرائيلي»، وإبراز السردية الفلسطينية التي أصبحت تسود العالم بالفعل حاليًا، وقال: إن البطولة الحقيقية تكمن في الصحفي الفلسطيني، الذي ينقل الحقيقة للعالم، على نحو ما تُمثله حالة وائل الدحدوح، وتابعَ: إن «إسرائيل» تقوم بقتل الحقيقة، فتُحارب الصحافة والإعلام.
بديل اليوتوبيا
وتحدثَ الدكتور محمد سيف الكواري عن المقصود بازدواجية المعايير، موضحًا أنها تعني الكيل بمكيالين، فيما يُشير المُصطلحان إلى معنى واحد، وهو أن هناك مجموعةً من المبادئ تتضمن قوانين وتشريعات وأحكامًا تُطبّق على مجموعة مُعينة من الناس دون غيرهم، وقال إنه مفهوم سياسي صيغ بهيئته الحديثة عام 1912، وتُخالف هذه الازدواجية منطق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وضع في سنة 1948م، ويقوم على المفهوم الواضح والنقي للعدالة في المُعاملة وعدم التمييز والتفرقة بين الشعوب والأعراق والأجناس.
لافتًا إلى أن هذا المفهوم يتفق مع ما أشار إليه الفقيه القانوني في جامعة ييل بنيويورك «صموئيل موين» في كتابه «حقوق الإنسان في عالم غير مُتكافئ»، وكتابه «اليوتوبيا الأخيرة: تاريخ حقوق الإنسان»، وأكد على أن المركزية الغربية تلقفت فكرة حقوق الإنسان كبديل أخلاقي لإخفاق يوتوبيا، وأن حقوق الإنسان تُمثل جدولَ عملٍ عالميًا جذابًا لتحقيق الحرية، ولكنها ذهبت تدريجيًا في الخطاب الغربي إلى إضفاء الشرعية على استخدام القوة مع الآخرين، وأضافَ: من ناحية أخرى، أرى أن ما يُعزّز عبارة «المعايير المُزدوجة» هو المركزية الغربية التي تنظر إلى القانون الدولي باعتباره ثمرة الحضارة الغربية الرأسمالية، وهذه المركزية الغربية ترى في القانون الدولي إحدى أدوات هيمنتها على العالم، ولا تراه أداة لبلوغ العدل. ورصدَ د. الكواري جملةً من التوصيات في نهاية حديثه، حيث رأى أن تطبيقها كفيلٌ بحل المُعضلة المُتعلقة بازدواجية المعايير، ومنها: تحرير القانون الدولي من المركزية الغربية، والعمل من أجل تبني مُقاربة إنسانية لا تقر مُمارسات الهيمنة على الآخرين، كما دعا إلى ضرورة تعزيز مبادئ حقوق الإنسان، مع عدم اتخاذ الحالات التي تنطوي على انتهاكات لمنظومة حقوق الإنسان من قِبل المركزية الغربية كمعيار، وتوجيه جميع الثقافات لتحقيق ما يكفل كرامة الإنسان طبقًا لنص الدستور الدائم لدولة قطر في المادة (18) بخصوص دعائم المُجتمع.