فيض الخاطر.. مكتبة للرواية والروائيين
تتميّزُ المكتباتُ العامةُ بدورها الإيجابي في نشر الثقافة وتحويلها إلى زاد يومي لا غنى عنه بالنسبة لطالبي المعرفة والباحثين في مُختلِف العلوم والآداب والفنون، وتأتي المكتباتُ المُتخصصةُ لتُكملَ الرسالةَ التي تضطلعُ بها المكتباتُ العامة، فالعَلاقة بين الطرفين تكامليّة لتقديم المعرفة العامة أو الخاصة، ويمكن اعتبار المكتبة العامة بأنها مجموعة مكتبات مُتخصصة في مبنى واحد، بينما تنفرد المكتبة المُتخصصة بلون ثقافي مُحدّد ومُتعمق وبجرعات مُكثفة تُقدّمها للمُستفيد في مجال تخصصها، وهذا ما ينطبق على مكتبة كتارا للرواية العربيّة التي أصبحت تضم عددًا كبيرا من الروايات العربيّة والمُترجمة، إلى جانب احتضانها الروائيين، واستضافتهم في لقاءات حوارية، يُقدّمون فيها خلاصة تجارِبهم بحضور النقّاد والروائيين والقرّاء الذين يستهويهم هذا اللون من ألوان السرد، الذي يلقى من بين الفنون الأدبيّة الأخرى إقبالًا كبيرًا بالنسبة لكُتّاب الرواية وقرّائها والمُتابعين لما يستجد منها.
ولا شك أن هذه اللقاءات تُتيح للروائيين فرصة التعريف بمُنتجهم الروائي، وفي الوقت نفسه معرفة صداه لدى القرّاء، والاستفادة من الآراء والأفكار المطروحة، التي قد تحمل ما يفيدهم في أعمالهم الروائيّة القادمة، كما تُقدّم هذه اللقاءات دعمًا لدور النشر الوطنيّة بالتعريف بإصداراتها الروائيّة التي قد يُقصّر الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء، في إبرازها والتعريف بها، وقد تصدر رواية عن إحدى دور النشر الوطنيّة ولا يعلم بها أحد، إلا من خلال معرض الكتاب، عندما تعرض دور النشر المحلية وغير المحلية مُنتجها الروائي، وربما انتهى المعرض دون معرفة بعض الروايات الجديدة خاصة مع كثرة الإصدارات الروائيّة في السنوات الأخيرة. فالتعريف بالروايات المحلية وغير المحلية من خلال اللقاءات الحوارية التي تُقدّمها مكتبة كتارا للرواية العربية، إنما هي نافذة تُتيحها مؤسسة الحي الثقافي كتارا يكمن من خلالها التعرّف على بعض روائيينا ورواياتهم، ليطلعَ عليها من يُمكن الاستفادة من آرائهم وتوجيهاتهم ومُلاحظاتهم، وتأتي هذه الجهود في إطار الاهتمام الشامل الذي توليه كتارا للرواية العربية بجوائزها السخيّة، ومِهرجاناتها السنويّة، وترجماتها للروايات الفائزة بجائزتها، إلى جانب عنايتها بالدراسات الأدبيّة المُتعمقة ذات العَلاقة بالرواية، وما مكتبتها للرواية العربيّة سوى جزء من نشاطها الكبير في هذا المجال، الذي حقق شهرة إقليمية وعالمية واسعة، ونال اهتمام النقّاد والمُهتمين بالرواية في كل مكان، لما ينطوي عليه من وعي بأهمية الرواية التي تتصدّر المُنتج الإبداعي الأدبي في العالم.
المُلاحظة التي لا بدّ من الإشارة إليها هي ضرورة اهتمام كُتّاب الرواية في بلادنا بالمُشاركة في نشاطات مكتبة كتارا للرواية العربيّة، لتُصبحَ هذه المكتبة مُنتداهم الحقيقي، ومُلتقاهم الدائم، لتوثيق الصلة بينهم وبين المكتبة من جهة، وبينهم وبين بعضهم من جهة أخرى، ولمعرفة ما يستجد من إصدارات روائية لهم، والتعريف بها لدى جمهرة القرّاء، في بلادنا والبلدان العربيّة الأخرى، فما زلنا بحاجة لأن يعرفنا الآخرون كما نعرفهم.