ما بين السطور.. الطريق إلى الجنة
هو ليس بطريق مُعبَّد ومرصوف بالورد والرياحين، بل هو طريق صعب وشاق، السير فيه لا يحتاج سيارات فارهة، ولا ناقلات عملاقة، بل هو يحتاج مُحاربة الأنفس الأمَّارة بالسوء.
أمهاتنا لم يكن يعرفن أنهن متى ما وضعن أقدامهن على الأرض، فإنهن يضعنها على الجنة.
ونحن في صغرنا، ما كنا لنعرف أن الطريق إلى الجنة ينفذ من خلال أمهاتنا.
فما الذي تدفعه الأمهات من أجرٍ لبلوغ هذا المُستوى من الكرامة؟ وليضع الله الجنة تحت أقدامهن..؟
كنا نرى ونبصر، لكننا لا نقدّر ما نراه وما نبصره، وحينما مر الزمن بنا، وأصبحنا في نفس الموقع، عرفنا ما لم نعرفه، وصدقنا ما لم نكن نراه.
حقًا، لا يُمكنك أن تشعرَ بالألم الذي يشعر به الآخرون إلا حينما يكون بجسدك أنت.
لذا الكثير من الرجال، الذين يُصبحون آباء دون عناء، لا يُقدّرون الثمن الذي دفعته زوجاتهم، وأمهات أطفالهم، ليبلغن القرب كثيرًا من أبواب الجنة.
حين تحمل الأمهات بأطفالهن، واحدًا تلو الآخر، فهي تحمل بين جنبيها عالمًا جديدًا، ثقيلًا بأعبائه التي لا يعرفها الآباء، مؤلمًا بكل درجات الألم، التي لا يمكن أن يصلَ إليها الرجال.
تحمل المرأة جنينها، وهي تحمل مُستقبلًا جديدًا، لمخلوق بشري جديد سوف يطلُّ على العالم لأول مرة، وهو لا يعي أي شيء مما يحدث له.
تعيشُ المرأة حياتها بأكملها من أجل هذه المخلوقات الصغيرة، التي أبدع الله خلقها لحظة بلحظة، وخلية بخلية، في أرحامهن، مع كل ما يحتملنه من تغيّرات وتطوّرات بأجسادهن، التي تضيف إلى وهنهن وهنًا، وإلى تعبهن وحملهن ثقلًا ومشقة أكبر.
يمتصون غذاءها، وشرابها، وصحتها، وقوتها، وما يحتويه جسدها من مُغذيات مُهمة، ومنها الكالسيوم الذي يُعرف عنه بأنه مُكوّن العظام والأسنان ومُقويها، فقط من أجل أن يكتملَ نموهم، ويكونوا أصحاء جسديًا، ومعنويًا.
ثم يتساءل الآخرون، لماذا قدَّم الإسلام المرأة الأم على الرجل الأب، ثلاث مرات؟
لأن الله هو الذي يعلم مُعاناة هذه المرأة الأم، في حملها، وولادتها، وما تُعانيه من جهد وسهر وعناء في الإرضاع والتربية والسهر والحماية لهؤلاء الصغار، وخاصة حين تتألم بصمت، وتعاني دون صوت، وتشقى دون شكوى.
الله وحده يعلم مدى قوة الصبر الذي تحمله المرأة بين جنبيها، الصبر على الشقاء والآلام المضنية، الصبر على احتمال السهر الطويل من أجل تغذية هذا الصغير وتغييره مرات عدة ما بين الليل والنهار.
الله وحده يعلم مدى القلق الذي يعتري هذه الأم بمجرد معرفتها بوجود هذا الجنين نطفة بداخلها، ورغبتها الشديدة بإحاطته بكل أنواع الحماية والأمان حتى يخرج إنسانًا كامل الأعضاء والصحة.
هي الأم بداية الطريق إلى الجنة.