مساجد عمان.. شاهد على روحانيات الأردنيين في رمضان

عمان_ قنا:
تشهد مساجد الأردن في شهر رمضان المبارك إقبالا غير مسبوق من المصلين، المتلهفين لنفحات الله في هذا الشهر الكريم، من خلال إحياء ليالي رمضان بالصلاة والعبادة، حيث تتحول تلك المساجد إلى شاهد على روحانيات الأردنيين في هذا الشهر.
ويوجد في الأردن قرابة 7200 مسجد في مختلف محافظات البلاد، وتبلغ الزيادة السنوية في عدد المساجد نحو 150 مسجدا، بحسب وزارة الأوقاف الأردنية.
ويعد المسجد الحسيني الكبير من أقدم المساجد في الأردن، ومن أوائل المباني التي أنشئت في مدينة عمان بعد اتخاذها عاصمة للمملكة الأردنية الهاشمية عام 1921، وقد أسسه الأمير عبدالله بن الحسين عام 1923، ويبلغ طوله 58.5 متر وعرضه 12.5 متر، وله رواق أمامي ورواقان جانبيان، وفي الوسط ساحة سماوية ومئذنتان يبلغ ارتفاع اليمنى منهما 70 مترا واليسرى 35 مترا.
ويقع المسجد الحسيني وسط العاصمة عمان، في بداية شارع الملك طلال، وله فناء كبير، ومزخرف بنقوش إسلامية، وتحيط به أهم معالم عمان القديمة كجبل عمان، وجبل الأشرفية، وجبل التاج وغيرها.
ويشبه الطراز المعماري للمسجد الحسيني الطرز المعمارية لمساجد عديدة في مدن أردنية وفلسطينية، فهو مبني بالكامل بالحجارة، وتتوسطه بركة صغيرة للوضوء تعلوها قبة ظلت خضراء لعقود قبل أن يعاد تأهيلها مؤخرا وتزخرف بآيات قرآنية.
وبحسب المؤرخين، فإن المسجد أقيم على أنقاض المسجد الأموي القديم، فقد أورد كل من الجغرافي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم”، وياقوت الحموي في كتابه “معجم البلدان”، وصفا للمسجد الأموي القديم، وذكرا أنه كان يتألف من صحن تحيط به من الجهات الثلاث سقائف محمولة على أعمدة، ثم بيت للصلاة سقفه محمول على أعمدة أيضا تتجه عموديا نحو حائط القبلة، وقد بني هذا المسجد بحجارة مصنعة بشكل منتظم، كما زينت الواجهة المطلة على صحن المسجد بمكعبات الفسيفساء الملونة، ويعتقد أن الشكل القديم للمسجد كان يشبه إلى حد كبير الشكل والتصميم العام للمسجد الأموي في دمشق ونظيره في حلب.
وللمسجد باحة مبلطة كبيرة لا تقل مساحتها عن 500 متر مربع، وتعد أحد أهم المعالم في وسط عمان، وغالبا ما تجتمع فيها جنسيات مختلفة وعمال وافدون عرب وأجانب، كما يعرض فيها الباعة كتبا وتسجيلات دينية، وفي إحدى زواياها سبيل ماء رباعي الأضلاع ومزخرف بالآيات القرآنية.
وكانت وزارة الأوقاف الأردنية تقوم سابقا باستضافة كبار العلماء والمقرئين من الدول العربية لإحياء أمسيات دينية في المسجد الحسيني، حيث كان يتم تزيين المسجد وساحاته ومآذنه بحبال الزينة والإضاءة الزاهية.
وحاليا يخضع المسجد للإعمار الرابع وقد قارب على الاكتمال، حيث كان قد بدأ في عام 2022.
وقال القائمون على مشروع الإعمار، لوكالة الأنباء القطرية قنا، إنه تم تركيب القبة السماوية الكبيرة وهي محملة على التصاوين المحيطة بالفناء، والتي ستغطي مساحة الساحة الداخلية المكشوفة بمساحة قدرها 400 متر مربع تقريبا، وهي عبارة عن هيكل معدني من الحديد والألومنيوم، وزجاج يفتح أوتوماتيكيا (كهربائي)، حيث ستحمل القبة على العمدان المدعمة.
وستعطي القبة السماوية بعدا جماليا للمسجد، من خلال تضمنها كتابات من الآيات القرآنية على الزجاج، إضافة لآيات قرآنية مكتوبة بين الأقواس، كما أنها ستنير المنطقة الداخلية للمسجد، وهي الآن في مراحلها النهائية، وتم الانتهاء من جميع أعمال الباطون وأعمال الحجر أيضا، ولم يتبق سوى التجهيز للساحة الخارجية من تركيب أرضيات بلاط جديدة.
ولا تختلف الأجواء الرمضانية في المسجد الحسيني كثيرا عنها في “مسجد أبو درويش”، الذي يحتل موقعا بارزا في جبل الأشرفية التابع لعمان الشرقية، ويعد من أقدم مساجد العاصمة عمان، حيث يعود تاريخ بنائه إلى أربعينيات القرن الماضي، وقد بناه رجل شركسي اسمه الحاج مصطفى حسن شركس ولقبه (أبو درويش)، من سكان عمان، وعرف باسمه منذ ذلك الحين.
ويجسد الطراز المعماري للمسجد فن العمارة الإسلامية في العصرين المملوكي والعثماني، من حيث التجانس في هيكل البناء الذي مزج بين اللونين الأبيض والأسود، إضافة إلى البساطة في التصميم التي تسهل عملية التنقل بين أرجائه، وتظهر واجهته من حجارة بركانية سوداء وحجارة بيضاء، ما جعله يشبه لوحة الشطرنج، ويبلغ ارتفاع مأذنته 36 مترا، وبداخلها 83 درجة سلم، كما يضم مكتبة تحوي ما يقرب من 3 آلاف كتاب.
ومن أبرز المساجد كذلك التي تشهد إقبالا كبيرا في شهر رمضان بالأردن مسجد الملك عبد الله الأول، الذي يقع في قلب مدينة عمان في منطقة العبدلي، وقد افتتح عام 1989.
ويتميز المسجد بقبته الفيروزية الرائعة، التي يبلغ قطرها 35 مترا، وارتفاعها 31 مترا، وقد بنيت من دون أعمدة، وترتكز على الأطراف الخارجية لصحن المسجد، كما يتميز تصميمه بالهندسة التقليدية لعمارة المساجد في بلاد الشام مع لمسات معاصرة، وجدرانه مزينة بنقوش وزخارف بديعة.
ويحتضن المسجد العديد من المؤتمرات وحلقات النقاش الفكرية والاحتفالات بالمناسبات الدينية.
ويتألف مسجد الملك عبدالله الأول من صحن المسجد، والقبة، والمكتبة، ودار القرآن الكريم، والمقصورة الملكية، والمئذنة الأولى، وسكن الإمام، وسكن المؤذن، وقاعة الاجتماعات الرئيسة، وقاعتين للاجتماعات الفرعية، وصالون استقبال، وغرف لإدارة المركز، ومصلى للنساء، ورواق المسجد، ومواقف السيارات، وجميع ملحقات هذه المرافق.
وتتسع قاعة الصلاة مثمنة الأضلاع، والمزينة بالنقوش القرآنية، لما يصل إلى 3 آلاف مصل، كما توجد منطقة خارجية مظللة تتسع لحوالي 10 آلاف مصل في وقت واحد، كما يتسع القسم الخاص بالنساء لـ 500 مصلية.