حوار – محروس رسلان:
أكد فضيلة الشيخ د. سلطان الهاشمي الإمام والخطيب وأستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة في جامعة قطر، أن هناك 7 عبادات هي الأفضل لبناء يوم المسلم عليها خلال العشر الأواخر من رمضان. وأوضح أن تلك العبادات تشمل الذكر والدعاء، وقراءة القرآن، وبر الوالدين، وصلاة الجماعة والسنن، وصلاة التراويح والقيام، والصدقة، والاعتكاف.
وقال فضيلة الشيخ د. سلطان الهاشمى لـ الراية: كان للنبي صلى الله عليه وسلم شأن مُختلف في العشر الأواخر من رمضان عما سبقها، مستشهدًا بما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَر.وشدد على أن العشر الأواخر من رمضان فرصة لإعادة الحسابات مع الله على ما فرطنا في الأيام الماضية واتخاذ ما يلزم لتحقيق أكبر استفادة من اغتنام خير عشرة أيام في العام كله فضلًا وثوابًا.
وأكد أنه على المسلم أن يقلل من زياراته الاجتماعية في العشر الأواخر من رمضان باستثناء زيارة الوالدين فإنها واجبة، وعليه أن يقلل من الذهاب للأسواق، وأن يتفرغ للعبادة قدر الإمكان لأن تلك الليالي العشر الأواخر من رمضان هي أفضل ليالي العمر، مفضلًا لمن يستطيع أخذ إجازة للتفرغ للاعتكاف والعبادة أن يفعل.

ما أهمية العشر الأواخر من رمضان في الشريعة الإسلامية؟
– نحب أن نقول لأولئك الذين فرطوا في العشر الأوائل والعشر الأواسط من رمضان: إنكم الآن في العشر الأواخر من رمضان، وفي الثلث الأخير من الليل منها أمام فرصة ربانية قد لا تتكرر في حياتكم. والعشر الأواخر من رمضان فرصة لإعادة الحسابات مع النفس على ما فرطنا في الأيام الماضية واتخاذ ما يلزم لتحقيق أكبر استفادة من اغتنام خير عشرة أيام في العام كله فضلًا وثوابًا.
لماذا جعل الله تلك العشر الأواخر وخصها بهذا الفضل؟
– الله عز وجل يعطيك الفرصة الأولى والثانية والأخيرة خلال شهر واحد هو شهر رمضان، حيث جعل الله في العشر الأواخر ليلة هي ليلة القدر خير من ألف شهر، أي أفضل من 83 سنة ، مع جهلنا بحد تلك الخيرية وإذا كانت تصل إلى أقل أو أكثر من 100 سنة من الأجر والثواب في العمل الصالح.
وإذا استطاع العبد المسلم أن يحسن التهيؤ لتلك الليلة وأن يكون مبادرًا بالعمل الصالح فقد يكون ممن فاز باغتنامها وحسبها من غنيمة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ماذا يتوجب على المسلم أن يفعله حتى يحظى بفضل العبادة في العشر الأواخر؟
– على المسلم أن يقلل من زياراته الاجتماعية في العشر الأواخر من رمضان باستثناء زيارة الوالدين فإنها واجبة، وعليه أن يقلل من الذهاب للأسواق، وأن يتفرغ للعبادة قدر الإمكان لأن تلك الليالي العشر الأواخر من رمضان هي أفضل ليالي العمر.
وجميع أنواع العبادات مطلوبة بما فيها الاعتكاف الجزئي بالمسجد ولو 10 دقائق لأن الفقهاء ذهبوا إلى أنه لاحدَّ لأقل مدة للاعتكاف، ومن ثم فبإمكان من دخل إلى المسجد بين المغرب والعشاء منتظرًا صلاة العشاء أن ينوي الاعتكاف.

هدي النبي

 

ما هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان؟
– كان للنبي صلى الله عليه وسلم شأن مُختلف في العشر الأواخر من رمضان عما سبقها، وإن كان لنا فيه صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في الاقتداء به في العبادة، فيما سبق العشر من ليالي وأيام رمضان من صلاة وسنن ودعوة وذكر ومدارسة للقرآن مع جبريل عليه السلام فضلًا عن قيامه من الليل حتى تتفطر قدماه الشريفتان.
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَر».
والاهتمام بتلك الأيام نُقل لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم وهو ما يبين لنا فضل هذه الأيام، ولذلك عليك الاقتداء بهم خوفًا من أن تفوتك ليلة القدر فيفوتك خيرٌ كثير لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها :من حُرم خيَرها فقد حُرم»، وإشار إلى أن ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر ولا يُعلم لها ليلة محددة لذا احرص على اغتنام العشر الأواخر من رمضان واعمل على ألا تفوتك ليلة من الليالي العشر الأواخر من رمضان إلا وقد استغللتها أفضل استغلال.

ختم القرآن

 

ماذا عن القرآن في تلك الليالي العشر؟
– يمكن للعبد المسلم أن يختم القرآن كله في يوم واحد من رمضان حيث يستغرق ذلك منه ما بين 8 إلى 9 ساعات فقط من إجمالي ساعات اليوم التي تصل إلى 24 ساعة.
القرآن يحتاج من 8 إلى 8.30 ساعة حتى نختمه في ليلة ومن ثم يمكن تخصيص 4 ساعات من أول الليل وأربع ساعات من آخره لنتمكن من ختم القرآن في ليلة واحدة.
وينبغي أن نعلم أن قراءة حرف من القرآن بحسنة تضاعف إلى 10 حسنات وتضاعف في رمضان إلى أضعاف كثيرة .
ولذلك نحن بحاجة إلى أن نراجع حساباتنا لأن تلك الأيام المُتبقية من رمضان هي أيام معدودات ولا ينبغي أن تمر علينا دون أن نغتنمها وأن نحقق فيها أفضل ثواب وأكثر عدد من الأعمال الصالحة للفوز برضا الله وجنته.
وأتمنى أن يهتم بعض الناس بأخذ إجازة ولو خمسة أيام أو أسبوع من رصيد إجازاتهم وتخصيصها لآخر أيام رمضان بحيث يتفرغون للعبادة ويعتكفون بالمسجد خلال تلك الأيام.

برنامج العبد المسلم

 

ما هو تصورك لبرنامج العبد المسلم الذي يهتم بالفوز في العشر الأواخر من رمضان؟
– يبدأ البرنامج اليومي من أداء صلاة الفجر في جماعة، وقراءة أذكار الصباح ثم أخذ قسط من الراحة ثم أداء صلاة الضحى، بعد ذلك يذهب لعمله ويحاول قبل صلاة الظهر أن ينهي جزءًا من القرآن وأن ينهي بعد العصر جزءًا أو جزأين من القرآن أو أكثر، ثم بعد ذلك يرتاح قليلًا وبعد الإفطار يحاول أن يذهب للمسجد مبكرًا ليقرأ جزأيْن أو ثلاثة أجزاء على أن ينوي الاعتكاف قبل دخول المسجد ثم بعد أداء صلاتي العشاء والتراويح لا ينبغي أن يتعجل المسلم الخروج من المسجد وإنما عليه أن يجلس ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يقوم فيها ما شاء الله له أن يقوم إن استطاع ذلك أو يجلس لذكر الله وقراءة القرآن ولو جلس إلى الحادية عشرة ليلًا فلا مانع.
وبعدها يمكنه أن يتوجه إلى البيت ليصلي ركعات في بيته مع الأبناء والأهل ويدعو الله بما أحب أن يدعوه به.
ولابد أن يحرص الإنسان المسلم في هذه الأيام على عمارة أوقاته بالذكر من تسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة واستغفار، مع عدم نسيان زيارة الوالدين بشكل يومي طوال العشر الأواخر لأن ذلك أحرى أن يوفق الإنسان لليلة القدر كما أن بر الوالدين من أجلّ الأعمال عند الله وأكثرها أجرًا ومثوبة فهي عبادة لا تقل عن الصيام والقيام وقراءة القرآن، كما على المسلم أن يتصدق كل ليلة من ليالي رمضان ولو بخمسين ريالًا على الأقل أو 100 ريال فالأجور مُضاعفة وأنت الفائز في النهاية لأن ذلك يصبُ في ميزان حسناتك وتعمر به آخرتك بما ينفعك من الباقيات الصالحات.