تطوير الاعتراف بحقوق الإنسان للأشخاص ذوي التوحّد
المطالبة بتطبيق معايير تكافؤ الفرص واحترام القدرات والتنوع
الكشف المبكر يساعد في تقديم برامج التدخل
نقص في جمع البيانات والأبحاث الخاصة بالتوحد

الدوحة – الراية :
شاركت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية، رئيس اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان، رئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان، في أعمال الندوة التي أُقيمت أمس تزامنًا مع اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحّد 2024م، تحت عنوان «احترام ودعم حقوق الأشخاص المُصابين بالتوحد: من منظور المؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان»، التي نظمتها اللجنةُ العُمانيةُ لحقوق الإنسان عبر تطبيق «زووم» بالتعاون مع «مُنتدى آسيا والمُحيط الهادي».
وقالت العطية في كلمةٍ لها بهذه المُناسبة: إن الإنسانيّة تجتاز في العَقد الثالث من القرن الحادي والعشرين مرحلةً مُهمةً من التطوّرات العلمية والتكنولوجيّة، إلا أن الجهل بمرض التوحّد لا يزال قائمًا في ظل تزايد الحالات في العالم بشكل غير مسبوق، ما يستدعي ذلك القيام بدور أكبر في تطوير الاعتراف بحقوق الإنسان للأشخاص الذين يُعانون هذه الحالة التي تؤثر على ما يُقارب 70 مليون شخص حول العالم، موضحة أنه وَفقًا لتقديرات مُنظمة الصحة العالميّة للأمم المُتحدة، يُعاني واحد من كل 160 طفلًا من اضطراب طيف التوحّد، وفي جميع أنحاء العالم يعاني واحد أو اثنان في المئة من مجموع السكان من طيف التوحّد.
تطبيق المعايير
وأكدت سعادة السيدة مريم العطية أن هذه الحقائق والمُعاناة دفعت في الآونة الأخيرة العديدَ من الدول بمؤسساتها الحكومية وغير الحكومية إلى العمل لرفع مُستوى الوعي حول مرض التوحد، ونوّهت بأن المُجتمعات – بوجه عام – أكثر وعيًا بأعراض المرض وضرورة الكشف المُبكر لأجل تقديم برامج التدخل المُبكر للتدريب والتعليم والدعم، وأشارت إلى تزايد المُطالبة بتطبيق المعايير التي تنصّ على تكافؤ الفرص واحترام القدرات المُختلفة والتنوّع والمُشاركة الكاملة في المُجتمع.
الشراكة الثلاثية
ونوّهت بأنه على الرغم من انضمام مُعظم دول العالم لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن احتياجات الأفراد المُصابين بالتوحّد وحقوقهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة تلقى تجاوبًا مُتفاوتًا وَفقًا لقدرات كل بلد، وأشارت إلى أنه ومن مُنطلق الحاجة إلى تطوير الاهتمام بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تمَّ إنشاء الفريق العامل المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في اجتماع مكتب التحالف العالمي للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان الذي عُقد في مراكش، المغرب في أكتوبر 2018، مؤكدة أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تُعد من المجالات ذات الأولوية في الخُطة الاستراتيجيّة الحالية للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان والشراكة الثلاثية بين بَرنامج الأمم المُتحدة الإنمائي والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المُتحدة السامية لحقوق الإنسان.
الاستقرار السياسي والاجتماعي
ودعت العطية إلى التفكير في المُصابين بالتوحّد في الدول الفقيرة، والدول التي تُعاني صراعات وحروبًا، وأشارت إلى ما يطال التوحّد من الوصم والتمييز في كل مكان بالعالم، وتزايد هذه الصعوبات والتحديات في البلدان التي تُعاني أوضاعًا صعبةً أو تفتقر للاستقرار السياسي والاجتماعي. حيث النقص في جمع البيانات والأبحاث الخاصة بالتوحد، وتدني الخِدمات والدعم اللازمين.
إذكاء الوعي
وجددت رئيسُ اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان الدعوةَ لجميع الأطراف وأصحاب المصلحة لاحترام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة واستمرار إذكاء الوعي ليُشكّل إطارًا مُمتازًا للعمل لكل الدول مهما كانت أوضاعها، وقالت: الحديث عن احترام الاتفاقية يجب ألا يتوقف، ويتعيّن على كافة الأطراف تقديم كل ما هو مُمكن لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة ماديًا ومعنويًا.
تغيير السياسات
وأشارت إلى أن دور المؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان يكمن في الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال تغيير السياسات بالتواصل مع صانعي السياسات وحثهم على تطوير التشريعات التي تُعزّز حقوق الأفراد المُصابين بالتوحّد ورفاههم. ويشمل ذلك قوانين الحماية من العنف، ومُكافحة التمييز، وتمويل خِدمات الدعم، والسياسات التي تُعزّز مُمارسات الصحة والتعليم والتوظيف الشاملة والمُشاركة المُجتمعيّة في كل بلد وَفقًا للقدرات الاقتصاديّة التي يتمتع بها.
وأضافت: إن المؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان ومؤسسات المُجتمع المدني تعمل للمُناصرة من أجل وضع الفئات الأولى بالرعاية على قائمة الأولويات بحيث لا تُهمل وتُترك بالخلف، وتقدمت سعادة السيدة مريم العطية في ختام كلمتها بالشكر والتقدير لإتاحة الفرصة للمُشاركة في هذه الندوة التي تُجدّد الاهتمام بقضية التوحد، وتابعت: لنستمد الإلهام من بعضنا بعضًا لأجل خدمة الإنسانيّة.
محاور هامة
وتضمن بَرنامج الندوة عددًا من المحاور، من بينها محور حول أهمية المعرفة بمرض التوحد وأطيافه، والآثار الاجتماعيّة المُترتبة على المُصابين وذويهم، ومحور آخر تناول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في القوانين الدوليّة، على سبيل المثال: اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتحديات، بالإضافة لمحور حول أفضل المُمارسات في سبيل حماية وتعزيز حقوق الأشخاص المُصابين بالتوحّد.
منصة للنقاش
ويهدفُ الحوارُ الافتراضي إلى أن يكونَ بمثابة مِنصة للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان، لتبادل المعرفة وأفضل المُمارسات بشأن تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المُصابين بالتوحد من أجل ضمان جودة حياتهم، بالإضافة إلى مُناقشة التحديات المُشتركة والتوجهات المُستقبليّة، كما تهدفُ الندوةُ إلى رفع مُستوى الوعي والتفاعل فيما يتعلق بأهمية الدعم المُجتمعي لتعزيز شمولية وإمكانية الوصول.