المحليات
من أجل خدمة الثقافة القطرية والمجتمع .. د. عبد الله المرزوقي لـ الراية الرمضانية :

مطلوب لقاءات دورية مع المبدعين

جهود كبيرة تبذلها «القطرية للإعلام» و«الثقافة»

الدوحة – أشرف مصطفى:

في حياة مُبدعينا محطات مُهمة وذكريات لا يُمكن حصرها ترتبط بشهر رمضان المُعظم، ومن خلال زاويتنا اليوميّة «سوالف قبل المِدفع» سنتعرّف مع ضيوفنا على أهم طقوسهم اليوميّة خلال الشهر الكريم ونتجوّل في بستان الذكريات الرمضانية لنقطف من أزهار فترة الطفولة ونتعرف منهم على الفارق بين رمضان في الماضي والحاضر، وما هي الاستعدادات لاستقبال هذا الشهر، وكيف يستقبلون عيد الفطر المُبارك، واليوم سنستضيف الدكتور عبدالله فرج المرزوقي، الذي استعرضَ لنا شيئًا من ذكرياته الجميلة مع هذا الشهر، وتحدَّث لنا عن عاداته خلاله.

  • حدِّثنا عن أجواء رمضان بالنسبة لك والذكريات التي تتمنّى عودتها إلى حياتك في شهر رمضان.

– هناك فارق كبير بين الماضي والحاضر، فهناك ما اندثر وانتهى، فقد كنا نحيا قبل ظهور الفضائيات التي بات لها تأثيرات سلبيّة، أبرز سلبياتها قلة اللقاءات الحيّة، وبلا شك فإن رمضان يُذكّرنا بطفولتنا البريئة وبأيام زمان، فكنا في السابق نشعر برائحة رمضان قبل مجيئه وكنا نذهب ونأخذ الحَلْوَيَات والمكسرات، ويكثر تبادل الأطباق بين الجيران، والهريس واللقيمات، إلا أن كثيرًا من تلك العادات قد انتهت اليوم، ومع ذلك ستظلّ لهذا لشهر الكريم نكهته المُميّزة.

  • ما العادة التي استمرّت معك في هذا الشهر حتى اليوم؟

– قراءة القرآن والاستغفار والصدقات والتواصل مع الأهل والأصدقاء، حيث يتحلّى الشهر الكريم بزيادة مُمارسة العبادات، ويرتبط في أذهان كل المُسلمين بكونه شهر العبادة والتقرّب إلى الله، ولمّ شمل العائلة والأصدقاء، فتكثر الزيارات وتزيد المودة وتتبادل الأطباق بين الجيران، وتعمر المساجد ويُكثر الناس من الذكر، وكل هذه الأشياء مُجتمعة تكون عادات شهر رمضان، حيث تنبعث علينا نفحات رمضان قبل قدومه بأسابيع، فتتجلّى رحمته الواضحة، وربما الأمر الوحيد الذي تغيّر معي هو أنني أصبحت لا أطيق السهر كما كان الوضع في السابق.

  • ما نوعية البرامج التلفزيونيّة التي تُفضّلها خلال الشهر الفضيل؟

– أكثر ما يجذب انتباهي هي البرامج الإخباريّة لمُتابعة كل ما يهم العالمين العربي والإسلامي، وأدعو الله دائمًا أن يُخففَ عن أمتنا العربيّة في ظل ما تُعانيه العديد من هذه البُلدان، كما أُفضل البرامج التي تعتمد على نشر المعلومات المُتنوّعة وإثراء الثقافة العامة.

  • عمل رمضاني تتمنّى عودته من جديد للمشهد الفني في هذا الشهر؟

– افتقدنا المُعالجات الدراميّة التي تُعالج المُشكلات المُجتمعيّة، فهناك غياب للطرح الجيد الذي يبحث فيما هو قادر على تغيير السلبيات الموجودة في المُجتمع، مع ضرورة الابتعاد عن المواضيع المُكررة، التي تتشابه فيها الشخصيات إلى حد كبير، فضلًا عن تشابه الطرح والأسلوب، لذا أتمنّى أن تتحلّى الدراما القطرية بوسائل الجذب، التي أعتبر أن أهمها هو مُناقشة موضوعات تخصّ المُجتمع القطري على غرار المُسلسلات التي تُقدَّم في البُلدان العربيّة المُختلفة، وتناقش مُجتمعاتها.

  • ما تقييمك للمشهد الثقافي والإعلامي الحالي؟

– هناك تطوّر يشهد عليه الجميع، فما تقوم به كل من المؤسسة القطرية للإعلام ووزارة الثقافة من ندوات ولقاءات ومُسابقات وفعاليات، يؤكد الحرص على الارتقاء بالمشهدين الثقافي والإعلامي، ويجب هنا أن أُشيدَ بفعاليات درب الساعي في رمضان، هذا الصرح الثقافي الذي يُقدّم تاريخنا ويحفظ موروثنا، ولن أنسى أن أُشيرَ إلى المجهودات المبذولة من قِبل الأندية والمراكز، وكذلك الجمعيات المُختلفة التي تعمل على إبراز الحضارة والثقافة والإرث والدين واللغة العربيّة، عبر فعاليات مُتنوّعة وجاذبة لفئات المُجتمع المُختلفة.

  • مُمارسات وسلوكيات تعتقد بضرورة تجنّبها في الشهر الكريم؟

– أتمنّى أن نُكثفَ مجهوداتنا خلال الشهر الفضيل لمُحاربة النفس وإجراء وقفات مع الذات من أجل تغيير أنفسنا للأفضل، مع ضرورة كفّ الأذى واللسان في هذه الأيام المُباركة التي تُلهمنا الصواب وتُساعد في دفعنا بالاتجاه العكسي لكل ما هو خطأ.

  • ما هي أمنياتك فيما يخص الساحة الفنيّة ونحن في الشهر الفضيل؟

– أتمنّى عقد لقاءات دوريّة تجمع بين المُثقفين من كُتَّاب وفنانين لطرح الإشكاليات التي يُمكن أن تعيقَ عمل المُبدع، وذلك من أجل خدمة الثقافة القطريّة والمُجتمع بالتبعية، وأسأل الله أن يُعيدَ علينا هذه المُناسبةَ بالخير واليُمن والبركات.

صورة بألف كلمة

الموروث وعالم موازٍ تصنعه اللوحة

سعت الفنانةُ هيفاء الخزاعي من خلال لوحتها التي صوّرت فيها إحدى الأمهات وهي تولي اهتمامًا بابنتها، ما يعكس حرصها على كل تفصيلةٍ من تفصيلات شؤون بيتها، وأظهرت ذلك مُتبعةً أسلوب الواقعيّة التي شغلتها كثيرًا قبل أن تُقررَ أن تُدخلَ بعض التقنيات التجريديّة في أعمالها الحديثة، وفي لوحة اليوم، استمدَّت الخزاعي فكرتها في الأساس من البيئة القطريّة، لكن الأسلوب والتكنيك تمَّ العمل عليه من خلال مُفردات حداثيّة، وهو الأمر الذي لا يتعارض، فموضوع اللوحة يجب أن يتماسّ مع مُجتمعها، كما أنه يستطيع أيضًا الوصول لمن هو خارج هذا المُجتمع إذا تحلّى بإنسانية، وفي العمل محل النقاش نجد أن الفنانة قد قامت بمُعايشة الواقع ونقله بعين فنيّة عبر اللوحة، ورغم انتهاجها أسلوب الواقعية في هذا العمل لم تتوقف أمام النقل من الواقع كما هو، ولكن ظلّت ريشتها تبحث عما بالداخل أثناء عملية الإبداع. ولعلَّ التفاصيل التي حاولت أن تعكسها – من خلال رؤيتها – كانت سببًا في جعل المُشاهد يتسمّر أمام العمل ويعيش في عالمه للحظات، وهو العالم الموازي الذي يصنعه الفنانُ التشكيلي إلى جانب العالم الواقعي، لا سيما أن هيفاء الخزاعي تعشق العزف على ثيمة التراث.

رمضان في عيون المبدعين

معارض فوتوغرافية تعكس مظاهر الشهر الفضيل

اعتادَ فنانو الجمعية القطريّة للتصوير الضوئي إقامة معرض يُصوّر أجواء الشهر الفضيل، تحت عنوان «نفحات رمضانية» وذلك على مدار 27 عامًا، وقد كان هذا المعرض من تنظيم الجمعية التي انطلقت عام ١٩٩٥، وأقامت أول معارضها حول رمضان يوم ٢٠ يناير 1997م، بشيراتون الدوحة، وضم المعرض حينها 65 لوحة إسلاميّة، وشارك فيه 17 فنانًا من داخل وخارج الجمعية، واشتملت اللوحات المعروضة على المساجد القديمة من قطر ومصر وتركيا واليمن. توالت نسخ هذا المعرض بعد ذلك، حيث أُقيم كل عام، فقدّم أعمالًا مُتنوّعةً تدور حول عادات شهر رمضان المُبارك، وعكس أحاسيس المُشاركين وأعضاء الجمعية من فناني التصوير الضوئي إزاء هذا الشهر الفضيل، فأبرز مشاهدَ رمضانيّةً مُختلفةً، وصورًا لأطفال بالملابس التقليديّة يعيشون أجواء رمضان على طريقتهم أو ما تبادر في أذهان هؤلاء المُبدعين، وتتواكب مع عادات وتقاليد هذا الشهر الكريم، فضلًا عن تصوير الفعاليات الدينيّة والروحانيّة والأسواق والمعمار بما يعكس مشاعر المُصوّرين إزاء هذا الشهر الفضيل ليُبرزوا من خلال لوحاتهم الفنية مشاهد رمضانية من أماكن مُختلفة داخل دولة قطر. ومن المواضيع التي تناولها الجميع من خلال هذه المعارض: تصوير النجوم والقمر، حياة الناس والمأكولات، مِدفع الإفطار والمساجد، والقرنقعوه والملابس. وفضلًا عن الجماليات التي تبدو في الأعمال الفوتوغرافية المُنجزة في هذا الإطار وإثراء الحياة الثقافية في الجانب البصري عبر إقامة معارض تربط الناس بالصورة الفوتوغرافية المُعتمدة على إبداع عين المُصوّر، قد شكل ذلك الأمر وسيلةً مُثلى للتوثيق، وهو ما أكدت عليه جمعيةُ التصوير الضوئي كثيرًا، حيث إن هذه الأعمال بمقدورها أرشفة المشاهد الروحانية عبر سنوات، والتأكيد على مدى حفظ العادات والموروث، ولاهتمام الجمعية بهذا الشأن حرصت على مدار سنوت طويلة على عقد ورش تصوير للأطفال وللشباب والبنات، كانت تُخصص أستوديو للبنات وأستوديو للشباب يُشرف عليهما مُشرفو الجمعية، بالإضافة إلى إقامة أستوديو تصويري ضمن احتفالات الجمعية بليلة القرنقعوه. وأبرز ما ميّز «نفحات رمضانيّة» استمراريته حتى إنه انتقل من جهة لأخرى، فبات يُنظمه المركز الشبابي للهوايات خلفًا للجمعية، وبعد غلق المركز أصبح يُنظمه مركز التصوير «عكاس» التابع لوزارة الثقافة، الذي تحوّل اسمه فيما بعد إلى مركز قطر للتصوير، واستعرض المعرض في كل عام عددًا من الصور الفوتوغرافيّة التي ترصد روحانيات هذا الشهر الفضيل من زوايا مُتعدّدة، وتعكس أجواء رمضان مثل قراءة القرآن الكريم والأذكار، والتهجد في المساجد، وما يُرافق ذلك من أكلات شعبيّة مُرتبطة بهذا الشهر الفضيل.

قصة وعِبرة

من يفكر أن يُشبِعَ أخاه فسوف يشبع الاثنان

سُئل أحد الحكماء يومًا: ما الفرق بين من يتلفظ بالحب ومَن يعيشه؟ فقال الحكيم: سوف ترون الآن، ودعاهم إلى وليمة، وبدأ بالذين لم تتجاوز كلمة المحبة شفاههم، ولم ينزلوها بعد إلى قلوبهم، وجلس إلى المائدة، وهم جلسوا من بعده، ثم أحضر الحَساء وسكبه لهم، وأحضر لكل واحدٍ منهم مِلعقة بطول متر، واشترط عليهم أن يحتسوه بهذه المِلعقة العجيبة، تعجبوا في البداية لكن سرعان ما ملأهم الإصرار على إتمام هذا التحدي ورغم صعوبته قرروا خوضه، وحاولوا جاهدين، لكنهم لم يفلحوا، فكل واحد منهم لم يقدر أن يوصل الحَساء إلى فمه دون أن يسكبه على الأرض، وأتلفوا ملابسهم وبدا الشحوب على وجوههم، فقاموا جائعين في ذلك اليوم، وقال الحكيم: والآن انظروا إلى هؤلاء، وأشار إلى مجموعة أخرى على وجوههم بسمات، تبدو عليهم قدراتهم على حب الحياة والآخرين، بينما يجلسون بنفس طريقة سابقيهم حول طعام، ودعا الذين يحملون الحب داخل قلوبهم إلى البَدء في الأكل، وقدَّم إليهم نفس الملاعق الطويلة، فأخذ كل واحد منهم ملعقته وملأها بالحَساء، ثم مدّها إلى جاره الذي بجانبه، وبذلك شبعوا جميعًا ثم حَمِدوا الله، فوقف الحكيم، وقال في الجمع حكمته والتي عايشوها عن قرب: من يُفكر على مائدة الحياة أن يُشبِعَ نفسه فقط فسيبقى جائعًا،

ومن يُفكّر أن يُشبِعَ أخاه فسوف يشبع الاثنان معًا.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X