حوار – محروس رسلان:
أكد فضيلة الشيخ د. سعيد البديوي رئيس قسم القرآن الكريم والسنة النبوية بكلية الشريعة في جامعة قطر، أن زكاة الفطر تعكس سمو شريعة الإسلام ومراعاتها للأحوال الاجتماعية في المجتمع المُسلم فهي تمثل شكلًا من أشكال التكافل الاجتماعي التي شرعها الإسلام، لكي تعمق أواصر اللُّحمة والترابط والتآخي بين المسلمين.
وقال فضيلته في حوار مع الراية: إن من مقاصد زكاة الفطر الشرعية أنها طُعمة للفقراء والمساكين تدخل الفرح والسرور على الفقراء والمساكين وأبنائهم في العيد حتى تعم الفرحة في المُجتمع المُسلم. وأبان أن من مقاصد زكاة الفطر أنها طهرة للصائم من الرفث واللغو، لأن الصائم قد يقع منه في أثناء صيامه قصور سواء ارتفع صوته أو وقع في غيبة أو محظور من المحظورات في الصيام، ومن ثمّ فزكاةُ الفطر لجبر ما أخل وقصر به المسلم خلال صيامه، فمنزلتها كمنزلة سجدتي السهو من الصلاة. وذهب إلى أن السُنة إخراج زكاة الفطر ليلة العيد اتفاقًا، على أنه يجوز إخراجها قبل العيد بيومين أو ثلاثة، وإن كان الحنفيةُ يجوّزون قبل ذلك والشافعية يجوزون قبل نصف رمضان، ومن أخرجها بعد العيد فهي صدقة. ونوه بأن قول الجمهور على وجوب إخراج زكاة الفطر طعامًا، مشيرًا إلى أن هناك طائفة من أهل العلم أجازوا إخراجها قيمة ومنهم الحنفية ومن قبلهم عمر بن عبد العزيز رحمه الله والحسن البصري رحمه الله، والإمام البخاري رحمه الله. هذا وفيما يلي تفاصيل الحوار:
ما مشروعية زكاة الفطر وحكمها؟
زكاة الفطر طهرة للصائم كما جاء في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ».
وما مقدار زكاة الفطر؟
يبين المقدار حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين». أخرجه البخاري.
وعليه فزكاة الفطر واجبة على كل مسلم حتى الطفل الصغير والذكر والأنثى والحر والعبد، وإذا ولد مولود مُسلم قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان وجبت عليه زكاة الفطر.
وزكاة الفطر تجب على الرجل وكل من يعوله في بيته، فيخرج عنهم، ومن أهم مطالبها استحضار النية لأنها عبادة والعبادة تفتقر إلى نية، ومن ثم فمن وجبت عليه وهو البالغ القادر العاقل فينبغي ان يخرجها هو عن نفسه، فإن أخرجها الوالد عن الأبناء فينبغي عليه أن يخبرهم بأنه سيخرج زكاة الفطر عنهم لأن ذلك أشبه بالتوكيل له.
ما حكم إخراج زكاة الفطر قيمة وليس طعامًا؟
إخراج زكاة الفطر قيمة مسألة مُختلف فيها وهناك الحنفية يجوزون إخراجها قيمة ومن قبلهم أجاز إخراجها قيمة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أوصى بها عماله أيضًا، وهناك الحسن البصري وآخرون يرَوْن جواز إخراجها قيمة ولهم على ذلك أدلة وفي البخاري حديث معاذ بن جبل لأهل اليمن – وإن كان مُعلقًا- أنه طلب منهم ثياب خميص بدل الطعام باعتبار أن ذلك أنفع لأصحاب رسول الله . وهذا يقاس عليه وهو ما احتج به الامام البخاري رحمه الله بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر. وقول الجمهور على وجوب إخراج زكاة الفطر طعامًا.
ما حكم إعلان استقبال زكاة الفطر بداية من أول رمضان؟
هذا توكيل من الجهة المختصة وفي الشريعة يمكن أن توكّل شخصًا حتى من قبل رمضان بأن تعطيه الزكاة وتطلب منه أن يخرج زكاة الفطر إذا جاء وقتها وهذا جائز شرعًا.
فمن يستقبلونها قبل وقتها هدفهم حصر ومعرفة مقدار ما عندهم وما يلزمهم شراؤه من الأصناف المُحددة لزكاة الفطر، ومن ثم يشترون الأشياء التي سيتم إخراجها زكاة للفطر في وقتها.
ولذلك يجوز توكيل المسلم لمن يثق به في إخراج زكاة الفطر حتى إن دفع النقود إليه من قبل دخول رمضان لأن التوكيل لا وقت له شرعًا، ولكن على الموكل أن يخرجها قبل العيد بيوم أو بيومين أو بثلاثة أيام.
ما السُنة في توقيت إخراج زكاة الفطر؟
السُنة إخراج زكاة الفطر ليلة العيد اتفاقًا، ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين أو ثلاثة وإن كان الحنفية يجوّزون قبل ذلك والشافعية يجوزون قبل نصف رمضان.
ماحكم من تأخر في إخراجها حتى جاء العيد؟
من أخرجها بعد العيد فهي صدقة، وأداؤه لها كأنه يقضيها كصلاة فاته وقتها وصلاها قضاء بعد فوات وقتها.
على من فاته إخراج زكاة الفطر أن يبادر بإخراجها ولو بعد العيد غير أنها تحسب صدقة وليست زكاة، لأن الزكاة مثل الصلاة المفروضة يؤديها المسلم في الوقت المطلوب منه، وتوقيتها هو محلها والذي يؤديها بعد العيد مثل الصلاة التي يؤديها الشخص بعد فوات وقتها، ومما لاشك فيه أن أداء العبادات في أوقاتها أعظم عند الله وأكثر أجرًا من التقصير فيها وفي أدائها بعد وقتها فشتان ما بينهما.
ما أهم المقاصد الشرعية لزكاة الفطر من وجهة نظرك؟
من مقاصد زكاة الفطر أنها طهرة للصائم من الرفث واللغو، لأن الصائم قد يقع منه في أثناء صيامه قصور سواء ارتفع صوته أو وقع في غيبة أو محظور من المحظورات في الصيام، ومن ثم فزكاة الفطر لجبر ما أخل وقصر به المسلم خلال صيامه، فمنزلتها كمنزلة سجدتي السهو من الصلاة.
ومن مقاصدها أيضًا أنها طعمة للفقراء والمساكين تدخل الفرح والسرور على الفقراء والمساكين وأبنائهم في العيد حتى تعم الفرحة في المجتمع المسلم.
زكاة الفطر تعكس سمو شريعة الإسلام ومراعاتها للأحوال الاجتماعية في المجتمع المسلم فهي تمثل شكلًا من أشكال التكافل الاجتماعي التي شرعها الإسلام لكي تعمق أواصر اللحمة والترابط والتآخي بين المسلمين.