
إسطنبول – الأناضول:
في جوامع إسطنبول التي امتلأت بالمصلين في ليلة القدر، ارتفعت الأيادي بالدعاء إلى الله والتضرع له بنصر المسلمين والفرج على أهالي قطاع غزة، الذين يواجهون حربًا إسرائيلية شرسة مستمرة منذ نصف عام. إذ تدفق عشرات الآلاف من المصلين إلى «جامع الفاتح» التاريخي بحي الفاتح في قلب البلدة القديمة لإسطنبول، حتى فاض بهم الجامع، ليفترشوا باحاته. مسلمون بمختلف الأعمار والجنسيات يتراصون إلى جانب بعضهم في صفوف طويلة، يدعون ويؤمنون بصوت واحد، بقلوب مؤمنة تطلب من الله عز وجل غفرانًا وقبولًا مع الأيام الأخيرة من الشهر الكريم.
الأجواء الروحانية في «جامع الفاتح» امتدت إلى الجوامع التاريخية القديمة والكبيرة بإسطنبول، التي امتلأت عن آخرها بالمصلين، حيث يحرص ملايين المسلمين في تركيا على إحياء «ليلة القدر» التي تُعد «خيرًا من ألف شهر». لكن «جامع الفاتح» تظل له رمزية تاريخية خاصة، كما يمكنه استيعاب أعداد كبيرة من المصلين بفضل موقعه المركزي واتساعه وباحاته الجميلة. هناك تسابق المصلون على الدعاء وقراءة الأذكار والقرآن وإحياء سنن الصلوات وأداء صلاتي العشاء والتراويح، وسط أجواء إيمانية تخللها التوجه والتضرع إلى الله لترتفع الأيادي وتتوجه قلوب العباد لخالقهم. وبينما تصدح أعذب الأصوات بتراتيل القرآن، كان آخرون منهمكين في توزيع المياه وحلوى الحلقوم على المصلين بهذه المناسبة. وإلى جانب إخوانهم من المواطنين الأتراك، شهد «جامع الفاتح» في ليلة القدر حضورًا لافتًا من الجاليات العربية المقيمة في إسطنبول، إلى جانب مسلمين آخرين من جاليات مختلفة، مشكلين معًا لوحة فسيفسائية مميزة تعكس الأجواء الروحانية في إسطنبول وتركيا. وتصدر الدعاء لغزة وأهلها في ظل الحرب الشرسة الحالية التي يواجهونها أدعية المصلين في ليلة القدر ب «جامع الفاتح».
وعن ذلك، قال المواطن التركي فاتح محمد ساهرا، إن «ليلة القدر مباركة، لكن شهر رمضان هذا العام حزين بسبب ما يجري في بلدان العالم الإسلامي وخاصة في غزة». وأضاف ساهرا: «أمضيت اليوم بالصلوات والدعاء والصيام، وصليت العشاء والتراويح وسأواصل العبادات هذه الليلة، وسأدعو الله كثيرًا لنصرة إخواننا في فلسطين وخاصة في قطاع غزة». من ناحيته، قال العراقي حمزة المحمد حيو، في حديث للأناضول، إنها «ليلة مباركة وعشر أواخر نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال، وإن شاء الله نحيي الليلة بالصلوات والدعوات».