إن تفرح وتنشر الفرح على من حولَك، فتلك يمكن أن نطلق عليها صناعة، وهي لا يقدر عليها إلا أصحاب القلوب الكبيرة، ولأنها متميزة في أهدافها فإنك ترى فيها ما يتجلى من العطاء والبذل في أجمل صورة، يقول أهل الاختصاص في النفس البشرية: إن الفرح وبث السعادة في النفس ضرورة وحاجة لاستمرار حياة الإنسان حيث يفرز الجسم هرمونات خاصة بهذه الحالة أحدها السيروتونين ويعرف بهرمون السعادة، وهو أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية التي تستخدمها خلايا الدماغ للتواصل فيما بينها ويساعد وجود السيروتونين في سلامة وصحة العقل حيث إن بقاءه ضمن المستوى الطبيعي يجعل الإنسان سعيدًا، وهادئًا، وأكثر تركيزًا، وأقل قلقًا وأكثر استقرارًا عاطفيًا، ولذلك فإن الفرح والسعادة حاجتان ضروريتان للجسم تمامًا مثل الأكل والشرب، فلا يُمكن الاستغناء عنهما وإلا هزل الجسم وضعف، وهجمت عليه الأسقام، ولذلك اعتبر الفرح والسعادة منتجًا له حاجة في المجتمع، فإنهما بذلك يدخلان في دائرة الصناعة، فيكون لهما ما يكون في أي صناعة أخرى، وفي ذلك يصنع كل إنسان سعادته بالطريقة التي يراها مُناسبة له مقبولة أم لا، وحسب الإمكانيات والأدوات التي يملكها، هذا هو المفهوم المُطلق وغير المقيد، ولكن يأتي الإسلام، ويضعها في إطار راقٍ يتعدى حدود العمل، ليمس أعماق النفس البشرية بدون ضرر أو ضرار، وموضوع الفرح والسعادة هو عنوان هذه الأيام المُباركة من أيام عيد الفطر المُبارك حيث تبين لنا الأحاديث الشريفة أن «للصائم في رمضان فرحتان: فرحة حين فطره وفرحة حين لقاء ربه» فمطلوب منا أن نفرح في أنفسِنا فتسعد أنفسُنا ثم ننقل هذا الفرح ونلك السعادة للآخرين فنتصدق على الفقير، ونسعى في حاجة الأرملة، ونمسح على رأس اليتيم، نفرح في أسرتنا ونصل ما انقطع من أرحامنا، وكما أن لأي صناعة أجرًا تكسبه فلفرحة العيد وإدخال الفرح على من حولنا أجر ومكسب عظيم، وهو الباقي لنا من جميل العمل ينتقل من الدنيا إلى الآخرة، ولهذا يمكن أن تستشعر في ذلك فن الصناعة وربحها، فنحن نتعامل مع رب كريم -جل جلاله- يجزيك على الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف لمن يشاء، فلنكُن ممن يصنع الفرح مع الآخرين.

 

[email protected]