لا بد من وضع تعريف جديد واضح لمعنى كلمة المصالح في العلاقات الدولية، وفهم العلاقة بين المصالح الآنية والاستراتيجية بين الدول وأنها قد لا تكون متكاملة، فالمصلحة الآنية (اقتصادية أو سياسية) قد تكون مضرة على المدى البعيد، كذلك لا بد من التفصيل بين تكامل أو تناقض المصالح السياسية مع الاقتصادية وتقاطعاتها مع الأمن الوطني أو الإقليمي للدول، وللوقوف السريع على هذه المفاهيم لا بد من الإشارة إلى أسس هذه العلاقات ومساحة الحركة المتاحة للدول، فكما هو معلوم تحكم العلاقات الدولية ضمن مجموعة من المؤسسات الدولية السياسية والعسكرية والقانونية والحقوقية والمالية، التي انبثقت بعد الحرب العالمية الثانية، والتزمت فيها دول العالم، منها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية وصندوق النقد وغيرها، وتحكم هذه المؤسسات ضوابط تعامل دولي متفق عليها، أما الهدف من الطرح هنا فهو أن هناك مساحة حركة للدول ضمن أحلاف دولية أو مصالح إقليمية أو قضايا سياسية، وهذه المساحة تزيد وتنقص على حسب القدرة على الحشد لقضية محددة، وهنا يأتي الإسقاط في هذا المقال، وهو حقيقة مصالح المجموعة العربية والإسلامية ودول الطوق على إسرائيل، في إيجاد حل سياسي شامل عادل للقضية الفلسطينية، وهنا نعود إلى تعريف المصالح وأنواعها «سياسي، اقتصادي، اجتماعي»، كذلك مصالح آنية ومصالح استراتيجية، والمصلحة هنا مزيج تكاملي، حيث سيقود إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية إلى استقرار سياسي ونمو اقتصادي وحراك اجتماعي ثقافي إيجابي في مجتمعات المنطقة، وإحداث حالة دمج ودعم بين الشعوب وقياداتها السياسية، بما سينعكس على شعوب المنطقة بتحقيق مصالح متنوعة وعلى قياداتها بحالة استقرار مدعوم شعبيًا، انطلاقًا من نصرة القضية المركزية للأمة وصولًا إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، فإذا اتفقنا على أن ما سبق يحمل قدرًا كبيرًا من الصحة والموضوعية، فإننا نصل إلى نتيجة حتمية، أنه ولتحقيق ذلك لا بد من إيجاد طريقة لتحقيق مصالح الشعوب والدول والحكومات على حد سواء، حيث إنها واحدة للجميع، وإن كل الدول التي ذكرناها في الطوق أو الإقليم أو المجموعة العربية وحتى الدولية، إنما هي تحقق مصالحها المباشرة من خلال تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية، بما سينعكس إيجابًا على الأمن والسلم الدوليين، وبذلك نصل إلى آخر تساؤل، وهو كيفية القيام بذلك؟ وهو من خلال العودة إلى بداية المقال عبر استخدام المؤسسات الدولية واستخدام مساحة حركة المصالح الاقتصادية لتحقيق أهدافها السياسية، بشكل جاد ومسؤول، عبر تكتلات دولية، فاعلة، تضع القيادة العالمية أمام مسؤولياتها تجاه ضبط النظام العالمي.