يوجد فيما يمر علينا من حوادث أو ما نسمع به من قرارات، يتخذها مسؤول هنا أو هناك من زوايا المعمورة، ما تعجب منها -أي القرارات- حتى لتظن أنك إما في كوكب آخر غير الأرض أو أننا وُضِعنا في كبسولة ترجع بنا إلى أزمان غابرة، فتقذفنا في زمن عصور الظلام في أوروبا أو حتى في زمن الحاكم قراقوش صاحب ما نسمع عنه من أوامر غريبة لا ندري مدى صحتها، ولكن الغرابة ارتبطت به كما ارتبطت النكتة بشخصية «جحا»، والغريب أننا نرى تلك القرارات المُضحكة من مسؤولين في قرن التقنيات العالية، والتطور الصناعي والمستويات غير المسبوقة في تكنولوجيا التواصل الاجتماعي الذي تتوقع فيه أن العقول قد تطورت، الشاهد أنه في إحدى الولايات الأمريكية وهي ولاية ساوث داكوتا خرجت الحاكمة «كريستي نويم» بقرار غريب وهو منع بيع البطيخ الأحمر (الجَّح) لأنه يحمل ألوان العلم الفلسطيني! -القشر أخضر واللب أحمر والبذر أسود- وبذلك على رأي «القرقوشة الحديثة» أصبح تناول البطيخ شكلًا من أشكال التعاون والتعاطف مع أهل فلسطين، ولكن تفاعل الناشطين كان عكس المتوقع، فما كان من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي إلا أن قلبوا القرار ونزل الجمهور إلى الشوارع وأخذ يوزع شرائح البطيخ على المارة، لقد أصبح البطيخ بذلك معاديًا للسامية بجرة قلم، والعتب على البطيخ الأحمر لأنه كان بالإمكان أن يخرج بألوان مغايرة كألوان علم جنوب إفريقيا أو نيكاراجوا، وما دام البطيخ قد أصر على الخروج إلى الأسواق بهذه الألوان فإنها تعد جريمة مع سبق الإصرار والترصّد، نحن نريد أن نحتفظ بالصورة التي في بالنا عن الغرب والإنسان المنفتح فيها، ولكن «سوالفهم تخرب عليهم» نعم نعرف أن هناك جهلًا في العالم، ولكن ما لا نستطيع فهمه أن يكون مستوى الجهل عاليًا لدى مسؤول في دولة عظمى، التي تخرجُ منها أوائل الاختراعات، من خلال عقولها ومراكز أبحاثها، معادلة غريبة تبعث على الشك فيمن يقود العالم، فما دام هذا شأن حاكمة ولاية، فما يدرينا أن تكون يومًا ما في المستقبل مرشحة للرئاسة ثم تفوز فينصدم بذلك العالم برجوع قراقوش مرة أخرى لحكم العالم.