مؤشرات عالمية دين الإسلام العظيم هي مُعجزاته، وهي ليست محصورة فقط في مُعجزته الباقية، وهي القرآن الكريم، لكن أيضًا في مناسكه وعباداته التي يتقرّب بها المُسلمون لخالقهم ويرجون بها جنانه، ومن تلك المُعجزات نسك الحج إلى بيت الله الحرام والمُرتبط بمكان هو أشرف بقعة على سطح الأرض، وهي الكعبة المُشرّفة، والمُعجزة هي بقاء هذا المكان وحصوله على مرتبة الشرف من التقدير والتعظيم منذ خلق الإنسان، وتواتر هذا الشأن المُميز عبر عقود من الزمن، وتعاقب عليها الشعوب، والقاسم المُشترك هو تعظيم المكان ذاته، فيكون بذلك إعجاز الاتصال عبر الزمن، فحين تكون أمام الكعبة يأتيك شعور أنك في مكان مرّ به الكثير من الناس، وأنك امتداد لسلسلة من البشر، ما يُعمّق الإيمان بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، وكأنه أبقى في المكان سرًا لا يعلمه إلا هو جلَّ جلاله، فالكعبة المُشرّفة بُنيت عدة مرات عبر التاريخ؛ فأول ما بُنيت كان على يد الملائكة وآدم عليه السلام وشيث بن آدم والنبيين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام والعمالقة وجرهم وقصي بن كلاب وقريش وعبد الله بن الزبير عام 65 هـ، والحجاج بن يوسف عام 74 هـ، والسلطان مراد الرابع عام 1040 هـ، والأخير وضع الباب المُذهب الموجود حاليًا للكعبة، ولا يمكن ذكر المسجد الحرام دون ذكر الكعبة، ومن مُسمياتها أيضًا البيت الحرام، وسُميت بذلك لأن الله حرّم القتال فيها، وهي أقدس مكان على وجه الأرض، فقد جاء في القرآن الكريم: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، وأُعيد ترميم وبناء الكعبة بضع مرات عبر التاريخ المُدوّن، ومن أسمائها، بكة، وقد ورد أن بكة موضع البيت (أي الأرض التي بُنيت عليها الكعبة) وما حول البيت هو مكة، وأيضًا سُميت البنية، أو بنية إبراهيم، وقد ذكر هذا الاسم القاضي عياض وابن الأثير، كما سُميت بقادس ونادر، وسُميت الدُّوَّار، ذكر ذلك ياقوت الحموي في مُختصره لمُعجم البُلدان، وتأخذ شكل حجرة كبيرة، وكان ارتفاعها في عهد إسماعيل عليه السلام تسع أذرع، ومن غير سقف، حتى جاء تُبع فصنع لها سقفًا، هذه نبذة عن معجزة هذا المكان نستشعرها ونحن نراه ونلمس حجره.

 

[email protected]