الأمة صاحبة الحضارة المميزة تترك بصمات واضحة في تاريخ البشرية لما لها من تاريخ تُعرف به لذلك لا نجد أمة لها جذور في التاريخ إلا ولها تقويم لتاريخ خاص بها، والقصد أن تبقى تلك الأمة محتفظة بتراثها وقيمها كي تنتقل من جيل إلى جيل فيَعرف اللاحق ما أنجزه السابق، وأمتنا الإسلامية هي صاحبة أهم حضارة وحاملة وخاتمة لأنقى عقيدة على مر التاريخ البشري، ونحن الآن في الأيام الأولى من محرم من السنة الهجرية 1446 نحتفل بولادة أمة الإسلام فارتفعت راياتها على مساحة كبيرة من بلاد العالم وقد اعتنقت شعوب كثيرة مبادئ هذه الأمة حتى أصبح ما يقارب تعدادهم هو ربع سكان هذه الأرض (2 مليار نسمة تقريبًا) وهم المسلمون الذين سلموا أمورهم لله وأطاعوه.
لقد عرف أهمية التقويم أحد أعظم قادة المسلمين وهو أمير المؤمنين الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأنشأه وجعل هجرة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة في 12 ربیع الأول (21 سبتمبر عام 622م) مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته بالتقويم الهجري، لكنه مركز أساسًا على الميقات القمري الذي أمر الله في القرآن باتباعه تبعًا للآية 36 من سورة التوبة.
وقد حرص من حكم المسلمين منذ بداية عهد الأمة بالعمل به وإرجاع الحوادث إليه، إلّا أن أسماء الأشهر والتقويم القمري كان يستخدم منذ أيام الجاهلية ففي سنة 412 م، وقبل البعثة النبوية ب 150 سنة وبمكة المكرمة اجتمع العرب سواء من رؤساء القبائل أو الوفود في حج ذاك العام أيام كلاب بن مرة الجد الخامس للنبي محمد، لتحديد أسماء جديدة للأشهر يتفق عليها جميع العرب وأهل الجزيرة العربية بعد أن كانت القبائل تسمي الأشهر بأسماء مختلفة، فتوحدوا على الأسماء الحالية.
وتبقى الهجرة النبوية والتي سمي التقويم باسمها حدثًا تاريخيًا من الصعب على العالم بأسره تجاهله، وبالنسبة لنا كمسلمين ستبقى دائمًا ذكرى هذه الهجرة المباركة ذات مكانة غالية وعزيزة في قلوب المسلمين.