الدوحة – نشأت أمين:
حثت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، جميع المسلمين على صيام يوم عاشوراء، من شهر المحرم، اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وحرصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في بيان لها أمس، على تذكير جميع المسلمين بندب صيام عاشوراء، مشيرة إلى أن صيام هذا اليوم مرغب فيه شرعًا.
وأوضح البيان أن مراتب صوم يوم عاشوراء عند أهل العلم ثلاث: «أفضلها صيام يوم قبله ويوم بعده، أو صيام التاسع والعاشر، أو إفراد العاشر وحده بالصوم»، وأنه يجوز صيام العاشر والحادي عشر من المحرم لمن فاته صيام التاسع، وأن كل هذه المراتب جائزة.
ونوه البيان إلى فضل صيام يوم عاشوراء، قائلًا: «صيام عاشوراء يكفر السنة الماضية، ففي الصحيح من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: يكفر السنة الماضية»، واختتمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية البيان، بتذكير المسلمين بفضل صيام هذا اليوم، إحياء لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسعيًا لتكفير الذنوب وابتغاء للأجر والثواب من الله تعالى، ومن جانبهم أكد عدد من الدعاة أن صومَ يوم عاشوراء وهو اليومُ العاشر مِن شهر الله الْمُحرَّمِ سُنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن صِيامه كان فَرْضًا قَبْلَ رمَضانَ، إلى أنْ نَزَلَ صَومُ رمضانَ على الْمُسلمينَ، فكانتِ الفريضةُ هي صَوم رمَضانَ فَقطْ، فيما أصبَحَ صَومُ عاشوراء مُخيَّرًا فيه؛ مَن شاءَ صامَه، ومَن شاءَ تَرَكَه، وقال الدعاةُ الذين تحدثوا لـ الراية: في هذا اليوم المبارك أظهر الله نبيه موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين على فرعون وجنوده مشيرين إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما: (قدِم النبيُ صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح وهذا يوم نجَّى اللهُ بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه)، وأوضحوا أنه لما سُئل رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عن ثواب صيام يوم عاشوراء قال: (احتسبُ على اللهِ أن يُكفّر السنة التي قبله).
د. محمود عبدالعزيز: الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده
قال فضيلة د. محمود عبدالعزيز يوسف: يومُ عاشوراءَ هو يومُ العاشرِ مِنَ الْمُحرَّمِ، وكانت قُرَيشٌ تَصومُه، فلمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم المدينةَ صامَه على عادتِه وأمَرَ بِصيامِه، وكان صِيامُه فَرْضًا قَبْلَ رمَضانَ، إلى أنْ نَزَلَ صَومُ رمضانَ على الْمُسلمينَ، فكانتِ الفريضةُ صَومَ رمَضانَ فَقطْ، وأصبَحَ صَومُ عاشوراءَ مُخيَّرًا فيه؛ مَن شاءَ صامَه، ومَن شاءَ تَرَكَه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِر عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حِينَ صام يومَ عَاشُورَاءَ، وأمَر أصحابَه رَضِي اللهُ عنهم بصِيامِه، فقالوا له: «يا رسولَ الله، إنَّه يومٌ تُعظِّمُه اليَهُودُ والنَّصارَى» بالصَّومِ أيضًا؛ لأنَّه يومٌ نَجَّى اللهُ فيه مُوسَى عليه السَّلامُ مِن فِرْعَوْنَ وجُنودِه، وإنَّما ذكَرَ الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ذلك؛ لِما عُرِفَ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه كثيرًا ما يَقصِدُ مُخالَفةِ اليهودِ والنَّصارى، فكان جوابُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -كما في الصَّحيحينِ-: «نحْنُ أَولى بمُوسى منهم، فصُومُوه»،
ثمَّ عَزَم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على أنْ يَصُومَ التَّاسِعَ مع العاشِرِ؛ لمُخالَفةِ أهلِ الكتابِ في صَومِهم العاشرَ فقطْ، ويُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ أنَّه لم يأتِ العامُ المُقبِلُ إلَّا وقد تُوفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وبشأن حكم إفراد عاشوراء بالصيام أشار د. محمود عبدالعزيز إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ. وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: وعاشوراء لا بأس بإفراده. ويجوز صيام يوم عاشوراء يومًا واحدًا فقط، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده، وهي السُنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يعني مع العاشر).
د. محمد المريخي: عاشوراء .. من أيام الله المشهودة
قال فضيلةُ د. محمد حسن المريخي، إن يوم عاشوراء، يوم العاشر من شهر الله المُحرّم يومٌ من أيام الله عز وجل المشهودة، التي لها شأن ومقام عند الله ورسوله، مشيرًا إلى أنه اليوم الذي نصرَ الله فيه الحقَّ وأهله وأعلى فيه راية التوحيد، ومكّن فيه لعباده في الأرض، وتحققت فيه كلمة الله الخالدة (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
وأضاف: هذا اليوم المبارك أظهر الله نبيه موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين على فرعون حيث يقول ابن عباس رضي الله عنهما (قدم النبيُ صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح وهذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه).
ولفت إلى أنه من تعظيم هذا اليوم أوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بصيامه حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (أفضلُ الصيام بعد رمضان شهرُ اللهِ المُحرم)
وأوضح أن صيام يوم عاشوراء مُستحب ولكن لمَّا سُئل رسولُ الله عن ثواب صيامه قال: (احتسبُ على الله أن يُكفر السَنة التي قبله).
الشيخ محمد الإبراهيم: جذور تاريخية ودينية ليوم عاشوراء
أكد فضيلة الشيخ محمد يوسف الإبراهيم أن يوم عاشوراء من الأيام الفاضلة التي تحظى بأهمية خاصة في السنة الهجرية، ويعود فضل صيام يوم عاشوراء إلى كونه يكفّر السنة الماضية من الذنوب، وهو فضل عظيم كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «صيامُ يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله» وكان رسولُ الله يتحرّى صومه على سائر الأيام، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيتُ النبي يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني: شهر رمضان.
وأضاف: إذا رجعنا إلى أصل صيام يوم عاشوراء، نجد أن له جذورًا تاريخية ودينية، فقد كان النبي موسى عليه السلام يصوم هذا اليوم شكرًا لله على إنقاذه وقومه من فرعون وجنوده، وعندما قدم نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجد اليهود يصومون هذا اليوم، فقال: «نحن أحق بموسى منكم» فصامه وأمر بصيامه.
وأما حكم صيام يوم عاشوراء فهو سُنة مؤكدة، يُستحب للمسلم أن يصومه طلبًا للأجر والثواب.
ولفت إلى أنه من الأفضل أن يصوم المسلم يومًا قبله أو يومًا بعده، وذلك مخالفةً لليهود الذين كانوا يصومونه بمفرده، فقد ورد في الحديث: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» فيه دلالة على استحباب صيام التاسع مع العاشر لتكون مخالفةً لصيام اليهود، وطلبًا للزيادة في الأجر والتقرب إلى الله.
فصيامُ يوم عاشوراء يحمل في طياته فضلًا كبيرًا وفرصةً لمحو الذنوب وتجديد النية والتقرب إلى الله تعالى، وينبغي للمسلم أن يستغل هذه الفرصة العظيمة في طاعة الله والابتعاد عن المعاصي.