صيف 2024 – كُرويًا – يبقى شاهدًا على إنجازَين تاريخيَين لجوهرتَين، واحدة صغيرة صاعدة في إسبانيا، وأخرى تتزايد إنجازاتها في نهاية مشوارها، حيث سطع نَجم الإسباني لامين جمال أفضل لاعب صاعد في كأس أُمم أوروبا، وأصغر لاعب يُتوَّج باللقب الأوروبي الرابع في تاريخ إسبانيا، ولم تنطفِئ بالمقابل نجومية ليونيل ميسي الذي قاد الأرجنتين إلى التتويج بلقب كوبا أمريكا للمرّة الثانية على التوالي، في بطولتَين، أخفقت في الأولى، إنجلترا التي خَسرت النّهائي للمرَّة الثانية على التوالي، وفي الثانية البرازيل التي خرجت في نصف النهائي بفينيسيوس جونيور ورودريجو، في سيناريوهَين يقودان إلى وضع عنوان لامين جمال على اليورو، وميسي على كوبا أمريكا.

رغم صغر سنّه خطف لامين جمال الأضواء من بيلينجهام، وكيليان مبابي، ورونالدو، ولوكا مودريتش، وموسيالا بفضل فنّياته ومراوغاتِه وتمريراتِه وجرأته في اللعب، وهدفه أمام فرنسا رغم صغر سنّه، فكان نَجم البطولة، حتى ولو ذهب لقب أفضل لاعب إلى مُواطنه رودري وسط ميدان السيتي، وحتى ولو اجتمع في المنتخب الإسباني عدة نجوم على غرار ويليامز، أولمو، وفابين رويز، وكان منتخب بلاده الأفضل دفاعيًا وهجوميًا، والأقوى من كل المنتخبات، وتمكّن من تحقيق سبعة انتصارات، على حساب أقوى المنتخبات مثل: كرواتيا، وحامل اللقب إيطاليا، ومنتخب البلد المنظم ألمانيا، وأحد أبرز المرشّحين للفوز باللقب فرنسا.

ورغم كبر سنّه ومغادرته أوروبا، خطف ليو ميسي من جهته الأنظارَ بقيادته منتخب بلاده نحو التّتويج الثاني على التوالي، واللقب الرابع له في ظرف ثلاث سنوات، بجيل أراد أن ينهي مشواره بشكل مميز على غرار أنخل دي ماريا، ونيكولاس أوتامندي، اللذَين اعتزلا دوليًا بعد التتويج، وتركا ميسي يواصل حتى مونديال 2026، أملًا في الحفاظ على تاجه الذي أحرزه في قطر، رغم أنَّه لم يعد كما كان بدنيًا، لكنه لا يزال قائدًا ملهمًا يصعب تعويضه أو الاستغناء عنه. لقد تمكّن من تعويض كل الإخفاقات التي لحقت به مع منتخب بلاده، قبل أن يتوج بكأس العالم، ولقبي كوبا أمريكا المتتاليَين رفقة لاعبين مخضرمين من جيله، وآخرين من الجيل الصاعد الموهوب الذي أنجب مارادونا وميسي.

ورغم الفارق في السنّ بين النَجمين لامين جمال وليو ميسي، فإنَّ الموهبة والمهارة والبراعة ومدرسة لاماسيا هي القاسم المُشترك الذي يجعل من كرة القدم مجالًا للمتعة والفرجة والإبداع بغض النظر عن العمر الذي لم يعد له معنى عندما يتمكن فتى صغير عمره 17 سنة في المستوى العالي من خطف الأضواء، ويستمرّ ولدٌ كبيرٌ يقترب من الأربعين بخطف الأضواء على مدى عشرين عامًا في برشلونة والأرجنتين، ولا يزال، دون أن أخوض في مجال المقارنة، بل المقاربة التي يمكن أن نسقطها على لعبة كرة القدم ولاعبيها في المناسبات الكبرى التي تبقى فرصة لتألّق الصغار والكبار في السنّ، ولو بدرجات مُختلفة، وهذا الذي يميز كرة القدم عن باقي الرياضات ومجالات الإبداع الأُخرى.

[email protected]