بقلم/ محمد أحمد بكري:

الحكايات الشعبية بمختلف أشكالها وأنواعها تشكل جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي في معظم المجتمعات حول العالم. وفي دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة «Cultural Dynamics» تم استعراض تأثير الحكايات الشعبية على التطور الثقافي والاجتماعي للمجتمعات.

وتبين الدراسة أن الحكايات الشعبية لها دور فعّال في نقل القيم والمعتقدات التي تربى عليها الأجيال، وتسهم في بناء الهوية الثقافية للشعوب. كما تؤكد الدراسة أن الحكايات الشعبية لها قدرة على تعزيز التواصل بين أفراد المجتمع وتشكيل وجدانهم الاجتماعي.

علاوة على ذلك، تظهر بعض البيانات الأخيرة أن الحكايات الشعبية تسهم في نمو الإبداع والتفكير النقدي لدى الأفراد، حيث تشجع القصص غير التقليدية والمثيرة للتفكير على استكشاف آفاق جديدة وتحدي الافتراضات المتأصلة.

لذا فإن الحكايات الشعبية تشكل نوعًا من الذاكرة الجماعية للمجتمعات، حيث تنقل المعرفة والتجارب والقيم. وتعكس هذه الحكايات تراثًا غنيًا يتعلق بالعادات والتقاليد والمعتقدات التي تشكل جوهر الهوية الثقافية للشعوب. على سبيل المثال، قد تتضمن الحكايات رسائل تحفيزية عن الشجاعة والتضحية تلهم الأفراد لتحقيق النجاح والتفوق في حياتهم.

ومع ذلك، يمكن أن تكون للحكايات الشعبية تأثيرات سلبية أيضًا، حيث قد تعزز الصور النمطية أو الأفكار الخاطئة حول فئات معينة من المجتمع. فمثلًا قد تنقل بعض الحكايات صورًا نمطية عن الأجناس أو الطبقات الاجتماعية، مما يؤثر على التفاعلات الاجتماعية والعادات في المجتمع. ومع تطور وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، أصبح من الممكن العمل على الذاكرة الجماعية من خلال نشر الحكايات الشعبية والتواصل بها على نطاق واسع، مما يزيد من تأثيرها على المجتمعات بشكل عام. وتشير الدراسات أيضًا إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الحكايات الشعبية قد يعزز التواصل ويعمّق فهم الأفراد لتراثهم الثقافي.

في الختام، يمكن القول إن الحكايات الشعبية تظل موروثًا ثمينًا يجب المحافظة عليه ونقله إلى الأجيال القادمة، وتمثل عنصرًا أساسيًا في بناء وتشكيل هويّة المجتمعات، فهي تنقل التراث والقيم والتجارب التي ترسخ الروابط الاجتماعية وتعزز التفاهم بين أفراد المجتمع. ومع التغيرات المستمرة في العالم، يبقى تأثير الحكايات الشعبية ضروريًا لفهم التحولات التي تطرأ على المجتمعات اليوم وتنشيط الذاكرة الجماعية.

كاتب ومؤلف

X:@e6n