خربشات قلم.. الإذاعة والبودكاست
الإذاعة هي صوت العالم، ووسيلة للتواصل بين الناس على مختلف ثقافاتهم وأفكارهم، وفي عالم سريع ومتغير، تبقى الإذاعة ملاذًا للهدوء والاستماع العميق.
نشأت الإذاعةُ في أوائل القرن العشرين، وكانت البداية الفعلية للإذاعة كوسيلة للبث الجماهيري في عام 1920. ففي هذا العام، تم تشغيل أول محطة إذاعية تجارية في الولايات المتحدة، وهي محطة KDKA في بيتسبرغ، بنسلفانيا، التي بدأت في بث الأخبار والموسيقى.
ومع تطور التكنولوجيا، أصبحت الإذاعة وسيلة مُهمة لنقل الأخبار والمعلومات والترفيه إلى الجمهور، في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، و بدأت تنتشر بسرعة في أنحاء العالم، حيث تم إنشاء محطات إذاعية في العديد من الدول.
يمكن القول إن الإذاعة كانت ثورة في مجال الاتصالات، حيث سمحت للأفراد بالتواصل والاستماع إلى المحتوى من منازلهم، ما أدى إلى تغييرات كبيرة في الثقافة والمجتمع.
وفي الآونة الأخيرة ظهر لنا البودكاست الذي يعد محتوًى صوتيًا يمكن الاستماع إليه عبر الإنترنت، ويتكون من سلسلة من الحلقات التي تتناول مواضيع متنوعة، مثل الثقافة، الأخبار، التعليم، الترفيه، والقصص الشخصية، كما يمكن للمستمعين تنزيل الحلقات أو الاستماع إليها مباشرة من منصات البودكاست المُختلفة مثل «آبل بودكاست»، «سبوتيفاي» و «جوجل بودكاست».
ويتميز البودكاست بأنه متاح في أي وقت وأي مكان، ما يجعله وسيلة مرنة لاستيعاب المعلومات والترفيه. كما يمكن أن يكون البودكاست فرديًا ويُقدم من قبل شخص واحد، أو جماعيًا يضم عدة مضيفين، أو حتى مقابلات مع ضيوف متخصصين.
تساءلت: هل يستطيع البودكاست أن يحل مكان الإذاعة بالكامل؟! خاصة أن هنالك جماهيرية كبيرةً له؟!.
من وجهة نظري من الممكن أن يستمر تأثير البودكاست في تغيير الطريقة التي يستهلك بها الناس المحتوى الصوتي وأود أن أوضح أوجه التشابه والاختلاف بين البودكاست والإذاعة:
1- مبدأ التكامل بدلاً من الاستبدال، الذي يسمح للبودكاست والإذاعة أن يكملا المسيرة معًا. فالإذاعة تقدم محتوًى مباشرًا وأخبارًا عاجلة، أما عن البودكاست فهو يتيح للناس استهلاك المحتوى في الوقت الذي يناسبهم.
2- مفهوم اختلاف الجمهور، فالبودكاست يستهدف جمهورًا مُختلفًا، قد يكون أكثر اهتمامًا بالمحتوى المتخصص في حين أن الإذاعة تميل إلى استهداف جمهور أوسع.
3- تغير أنماط الاستماع وذلك مع زيادة استخدام الهواتف الذكية وتطبيقات البودكاست، أصبحت عادات الاستماع تتغير، حيث يفضل الكثير من الأشخاص الاستماع إلى البودكاست أثناء التنقل أو في أوقات فراغهم، ما قد يؤثر على نسب الاستماع إلى الإذاعة التقليدية.
4- استجابة الإذاعة لمحتوى البودكاست حيث إن العديد من محطات الإذاعة بدأت في إنتاج بودكاست خاص بها لتلبية الطلب المتزايد على المحتوى، ما يدل على أن الإذاعة تتكيف مع التغيرات في تفضيلات المستمعين.
5- البودكاست يوفر فرصة أكبر للأفراد والمبدعين المستقلين لإنتاج محتوى صوتي، بينما تتطلب الإذاعة بنية تحتية أكبر وتكاليف أعلى للبث.
بناءً على ذلك، يمكن القول إن البودكاست قد يؤثر على كيفية استهلاك الناس للمحتوى الصوتي، لكن الإذاعة لا تزال تحتفظ بمكانتها كوسيلة إعلامية مهمة، خاصة فيما يتعلق بالأخبار العاجلة والمحتوى المباشر.