ضوء أخضر.. «المزارع النموذجية».. خطوة ضرورية
تشرَّفت أثناء زيارتي الأخيرة للمملكة العربيّة السعوديّة، بزيارة مشروع مزارع راما النموذجيّة، بدعوة كريمة من صاحبها المُستثمر السعودي منصور الحواس، وهي إحدى المزارع النموذجيّة، التي تعتمد على التقنيات المُتطوّرة، وبالتالي تُسهم في توفير محصول يفوق التوقعات على مدار العام، مع مُراعاة أهمية الدمج بين الوسائل الزراعيّة التقليديّة والحديثة، وضرورة خلق مناخ للزراعة يتناسب مع الموسم والعوامل الجغرافيّة بالمِنطقة. وإذا تحدّثنا عن تطبيق تجرِبة المزارع النموذجيّة في دولة قطر، سنجد أنه في الوقت الراهن أصبح العمل على زيادة عدد المزارع النموذجيّة بالدولة من الضروريات لما تُحققه من وفرة في زراعة مُنتجات طبيعية عضوية عالية الجودة تدعم الأمن الغذائي في بلادنا، خاصةً أن إقبال القطريين على السياحة الريفية في أوروبا خلال فترة الإجازة من الأمور التي من شأنها أن تُشجعَ أصحاب المزارع في قطر على تطبيق نظام المزارع النموذجيّة، بوصفها مكانًا مُناسبًا لقضاء الإجازات العائليّة الطويلة، حيث توفّر أجواء مثالية للاستمتاع بالطبيعة والخِدمات الأساسيّة التي يحتاجها السياح لما تتمتع به من مُقوّمات طبيعيّة. والاتجاه نحو السياحة الزراعيّة من خلال تطوير المزارع النموذجيّة في الدولة يُحقق لأصحاب المزارع المحليّة فوائد مُتعدّدة، منها: توفير دخل إضافي يُساعدهم على تنمية قدراتهم، وتحسين مُستواهم المادي، وكذلك زيادة قيمة المزرعة، التي تُقدّم السياحة الزراعية، لتحقيقها دخلًا إضافيًا مُقارنة بالمزرعة التي لا تُقدّمها، إضافة إلى بيع مُنتجات المزرعة للسياح والزوّار بسعر أفضل من بيعها في الأسواق، ومُساعدة مالك المزرعة على استغلال عناصرها بشكل أفضل، خصوصًا فيما يتعلق بالتكاليف الثابتة، مثل المُنشآت والعمالة وغيرهما. ولقد ظللتُ أسعى من خلال مُبادرة «مروج» إلى نشر ثقافة السياحة الزراعيّة في قطر، خاصة في ظل وجود عدد كبير من المزارع القطرية المُميزة التي تصلح أن تكون بمثابة مزارات سياحيّة للمواطنين والمُقيمين وحتى للزوار من الخارج؛ لأن قطر بما تملكه من إمكانات كبيرة قادرة على أن تسير بخُطى ثابتة في هذا الجانب من السياحة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع أصحاب المزارع و«قطر للسياحة»، بحيث تكون الاستفادة مُزدوجةً سواء لأصحاب المزارع أو للسياحة وزيادة تدفق السياح إلى الدولة بصورة عامة. وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتقدَّم بجزيل الشكر لرجل الأعمال السعودي المُستثمر في القطاع الزراعي منصور الحواس على استقباله لنا بمزارع راما النموذجيّة، باعتبار أنه لا يمكن اختزال عالم الزراعة في عنصر واحد مع إهمال باقي العناصر، ما قد يُسبّب الفشل الذريع في تحقيق الهدف المنشود، والوصول للنتائج المُتوقعة، حيث هناك من يستخدم التكنولوجيا الحديثة في الزراعة مع غياب المؤهلين لإدارتها، ما يؤدّي إلى فشل المشروع، لكن اتباع نهج المزارع النموذجيّة هو الحل لكافة الإشكالات المُتعلقة بعدم وجود أفق معرفي للقطاع الزراعي بمعناه الحقيقي، وما يشمله من تعدديّة، ومنها الزراعة السياحيّة أو الزراعة الصناعيّة التكميليّة أو النقل اللوجستي وغيرها من المُسميات.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر