الدوحة الراية :
تكفلُ قطرُ الخيريَّةُ من خلال مكتبِها في العاصمة دكا أكثر من 5000 يتيم في مُختلف مناطق بنجلاديش، وتدير 13 دارًا للأيتام تضمّ عدةَ مرافق، منها المدارس والأقسام الداخليَّة للطلبة، ويندرج ذلك في إطار مبادرة «رفقاء» التابعة لها والتي تهتمُ بكفالة ورعاية الأيتام والأطفال عبر العالم، وتوفير الرعاية الشّاملة لهم.
وتقدّم قطر الخيرية للأيتام صورًا أخرى من الدعم بعد تجاوزهم عمر ال 18 عامًا ومنها كفالات طلاب العلم للدراسة في الجامعة، ومشاريع التمكين الاقتصادي وغيرها.
وتسهمُ الكفالاتُ والدعم المقدم لهم في صناعة العديد من قصص النجاح من هؤلاء الأيتام والمكفولين الذين يتميزون في الجوانب العلمية والمهنية، وهو ما ينعكس إيجابًا على خدمة مجتمعاتهم.
ومن هذه النماذج الطبيب الريفي «غلام زكريا»، الذي كفلتْه قطرُ الخيرية كيتيم عندما كان في الصفّ الخامس الابتدائي، وهو يعد حاليًا رمزًا للعطاء والرحمة والتعاطف في إحدى القرى ببنجلاديش، حيث اشتهر بتقديم العلاج المجاني للمحتاجين، ما جعله يحظى بتقدير كبير من قبل سكّان قريته لخِدماته الإنسانية.
لم يكن الطريقُ إلى النّجاح مفروشًا بالورود لغلام زكريا، بل كانت رحلة مليئة بالتحديات والعقبات التي تغلّب عليها بالعزيمة، فقد وُلِد في عام 1988 في قرية «كريشامات» بمدينة رانجبور ببنجلاديش، وتُوفي والده عندما كان عمره سنتَين فقط، تاركًا وراءَه أسرة كبيرة مكونة من 10 أطفال. وبعد وفاة الأب، كافحت أمّ «غلام زكريا» لتلبية احتياجات الأسرة.
بدأت صفحةٌ جديدةٌ في حياة غلام زكريا عام 2000، عندما حصل على الكفالة من قطر الخيرية باعتباره يتيمًا، حينما كان في المرحلة الابتدائية، وبدعمها تمكّن من اجتياز امتحانات الثانوية العامة.
رحلة التعلّم
وبعد إتمام تعليمه الثّانوي في المسار العلمي، أخذ غلام زكريا دورة في الصيدلة لمدة ستة أشهر من «جمعية الكيميائيين والصيادلة « في رانجبور في عام 2012، ومن ثم دورة «الممارس الطبي الريفي» (RMP) من مستشفى رانجبور سادار، حيث تعلم كيفية تقديم خدمات الرعاية الطبية الأساسية. ثم عمل كطبيب في دارَي رعاية الأيتام التابعتين لقطر الخيرية في منطقتَي لالمونيرهارت وغانغاشارا في الفترة من 2014 إلى 2017، بالإضافة إلى تقديم الخِدمات الطبية لأهل قريته.
أحلام وطموحات
وبفضلِ الدعم المالي الذي حصل عليه من قطر الخيرية ضمن مشاريعها المدرّة للدخل في عام 2020، افتتح غلام زكريا صيدلية في سوق قريته، وجهزها بالمعدات الطبية اللازمة للرعاية الصحية الأولية. أصبح الطبيب الريفي زكريا مكتفيًا ذاتيًا من الناحية الاقتصادية من جانب، ونبراس أمل لخدمة أهل قريته من جانب آخر، وقال غلام زكريا: « بفضل الله، أصبحت الآن في وضع يمكنني من مساعدة النّاس بطرق مختلفة».
وأضافَ: «أعرف ما يشعر به اليتيم وما يعانيه من حرمان اجتماعي دون دعم مناسب. لذا، أحاول دائمًا مُساعدة الأيتام كلما أتيحت لي الفرصة لذلك. وأحفزهم على تجاوز الصعاب والتقدم إلى الأمام».
يتطلع الطبيبُ زكريا لمزيد من النجاحات، حيث يأمل إنشاء عيادة تضم أطباء مُتخصصين وتوفر الفحوص الطبية الأولية والرعاية الطبية للمحتاجين في القرية.