المحليات
الراية ترصد انتشارها بشاطئ أبوفنطاس

غابات القرم مقصد هواة السياحة الطبيعيّة

تلعب دورًا هامًا في حفظ التنوع الحيوي

توفر أماكن آمنة لتكاثر الكائنات البحرية

الدوحة – الراية:

نجحتِ الجهاتُ المعنيّةُ خلال الأعوام الماضية بمُضاعفة مساحات أشجار «القرم» من خلال حملات استزراعِها في السواحل الشماليَّة الشرقيَّة للبلاد، في إطار خُطّة الدولة للتوسّع في زراعتِها؛ لأهميتِها في تعزيز التنوُّع البيولوجي وحماية السواحل من التآكل، فضلًا عن دورِها الفعّال في مكافحة تغيُّر المُناخ، وكذلك في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الضارّ في الهواء بكفاءةٍ، ما يعزّز جودةَ الهواء، ويحفظ توازن البيئات الطبيعيَّة.

الراية رصدتْ غابةَ القرم الواقعة على شاطئ أبو فنطاس بمدينة الوكرة، والتي تحوَّلت إلى مقصدٍ لعددٍ كبيرٍ من هواة التصوير الذين يحرصون على التقاط المشاهد البديعة التي تتميّز بها الغابةُ، فضلًا عن زيارتها للتجوُّل بين ممراتها، وخاصةً في أوقات الجزر.  

واقترحَ عددٌ من سكَّانِ الوكرة على الجهات المعنيَّة ضرورةَ إطلاق حملات لاستزراع شتلات أشجار القرم؛ لزيادة مساحتِها، في ظلّ دورها البيئي الهام، في حفظ التنوع الحيوي، وحماية الشعاب المَرجانية، وتوفير أماكن آمنة لتكاثر الكائنات البحريةِ، وتوفير المغذيات لمجموعة متنوِّعة من الأسماك والصدفيات، فضلًا عن دورِها في الترويج للسياحة البيئية، حيث تعدُّ غابات القرم من الأماكن المفضّلة لهواة التجديف والسياحة الطبيعية. ويبذل القائمونَ على القطاع البيئي مجهوداتٍ مكثفةً؛ للحفاظ على غابات القرم وتنميتها وتطوير مناطقِها، حيث قامت خلال السنوات الماضية بالتوسع في استزراعِها في أربع مناطق، على السواحل الشمالية والشرقية، بعد أن كانت مقتصرةً على مِنطقة الخور والذخيرة، فأصبحت هناك مواقعُ مختلفة، تتمّ فيها زراعةُ نباتات القرم بمساحات كبيرة، تقدر بآلاف الهكتارات، حيث نجحت زراعةُ القرم في كل من: الرويس، وأم الحول، وفويرط، وراس مطبخ.

وتمتدُّ مناطقُ أشجار القرم، بدولة قطر، على مساحة شاسعة، وتعتبر من أهم النظم البيئيّة في تخليص الجوّ من الغبار والمعلقات الضارَّة في الهواء، وتقوم هذه الغابات بالمُحافظة على درجة الحرارة المُناسبة للمناطق الساحليَّة التي تتواجد فيها، خاصة في تقليص الفوارق الحرارية بين النهار والليل.

ونبات القرم مكوّن بيئي رئيسي في المحافظة على رطوبة ودورة المياه في التربة، كما يلعب دورًا هامًا في منع ظاهرتَي الانجراف والتعرية للتربة، ويقوم بتكوين التربة الطينية عن طريق تجميع الرواسب العضوية حول الجذور الدعامية والجذور الهوائية التنفسية في المواقع الساحلية.

ويبلغ طول شتلات القرم من 44 إلى 60 سنتيمترًا، وتعتبر حصنًا لتكاثر كثير من الأسماك، وبعضها ذو أهمية اقتصادية في دولة قطر، مثل البدح، كما تعمل البكتيريا على تحليل أوراق القرم التي تتساقط إلى مركبات عضوية أولية تستفيد منها أنواع مختلفة من الكائنات البحرية في نظامها الغذائي، وبذلك تعتبر بيئة نبات القرم موطنًا مناسبًا لأنواع عديدة من الكائنات البحرية، مثل: الأسماك والروبيان والطحالب والقشريات والفطريات والديدان، وغيرها. ونباتاتُ القرم لها فوائدُ عديدة، حيث تستخدم سيقانها القوية في عمليات البناء، أو كوقود للطبخ والتدفئة، والعديد من الصناعات الخشبية، مثل: صناعة القوارب الشراعية لما تتميز به سيقانها من المتانة والقوة وتحمّل الملوحة، كما تستخدم السيقان والأوراق الطرية للقرم كعلف للحيوانات الأليفة، مثل الجمال والأغنام والماعز.

ولنباتات القرم قدرةٌ كبيرةٌ على النموّ في المياه المالحة، حيث تقوم بترشيح الماء المالح عن طريق غدد في الجذور، ومن ثم تقوم بطرح الماء الزائد من خلال أوراقها. وكلمة مانجروف التي تطلق على أشجار القرم، تتكون من كلمتَين؛ الأولى برتغالية «مانجو» «Mangue» وتعني شجرة، والثانية إنجليزية «جروف» «Grove» وتعني مكان الأشجار.. وتشكل أشجار القرم أو المانجروف موطنًا لبعض أنواع الطيور المهددة بالانقراض، وهي موطن لـ80 بالمئة من الأسماك المهمّة اقتصاديًا.

وأشجارُ القرم تخفّض ثاني أكسيد الكربون بنحو 8 أضعاف الغابات المطيرة، وتقلل انجراف التربة على الشواطئ، وتخفض 66 بالمئة من حدة الأمواج الناجمة عن العواصف، وتشكل أشجار القرم الساحلية نظمًا بيئيَّة مميزة، وتقدم مجموعةً كبيرةً من خدمات النظم الإيكولوجية، وتعتبرُ غابات القرم الساحليَّة نادرة رغم تواجدِها في 123 منطقةً بالعالم من بينها قطر، حيث إنَّها تمثل 1 بالمئة تقريبًا من الغابات الاستوائيَّة حول العالم، وما لا يزيد على 0.4 بالمئة من مجمل الغابات بشكل عام، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ إدارة وترميم النظم الإيكولوجيَّة لأشجار القرم الساحلية يمكن تحقيقها بأقلَّ التكاليف؛ لضمان تأمين الأمن الغذائي للعديد من المجتمعات الساحلية.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X