تواجهُ الأنظمةُ الوقائية في المراكز الصحية العديدَ من التحديات التي تتطلب حلولًا مبتكرة لتعزيز الصحة العامة وتحسين جودة الحياة. يسعى هذا المقترح إلى تحويل النظام الوقائي إلى أداة فعّالة للتقدم الصحي من خلال اتباع أساليب مدروسة ومتكاملة. الهدف الأساسي هو استخدام النظام الوقائي في المراكز الصحية كأداة للتقدم الصحي وإبراز قدرة النظام على تشجيع الأفراد لاتباع نمط حياة صحي ورياضي مستمر ومتنوّع.

الوضع الحالي للمراكز الصحية في قطر:

تمتلك دولة قطر 33 مركزًا صحيًا تعتبر الحصن الوقائي الأوَّل لمواجهة الأزمات الصحية، حيث تقدم خدماتها بسهولة وسرعة لجميع مناطق الدولة. تُعتبر هذه المراكز الخط الدفاعي الأول في مواجهة الأزمات الصحية، فيما تأتي مؤسسة حمد الطبية خط الدفاع الثانوي. كلما كانت المراكز الصحية أقوى في جانبها الوقائي، انعكس ذلك إيجابيًا على صحة المواطنين والمقيمين.

التحديات القائمة:

للأسف، لا يوجد في مؤسسة الرعاية الصحية الأولية نظام ترصد وترقب وتنبؤ بالإصابة بالأمراض المزمنة. عند دخول المريض إلى طبيب الأسرة، يتم تقييم الحالة وأخذ الطول والوزن ومؤشر كتلة الجسم، وفحص ضغط الدم ونسبة الأكسجين ودرجة الحرارة، وفي حالة الإصابة بالسكري مثلًا يتم فحص نسبة السكر في الدم. مع ذلك، لا يستفيد الطبيب من هذه البيانات بشكل كامل في حماية المريض من الأمراض المزمنة. هذا النقص في النظام الوقائي يؤدي إلى اكتشاف الأمراض المزمنة بالصدفة غالبًا، ما يسبب هدرًا ماليًا كبيرًا على صرف الأدوية ويؤثر سلبًا على الإنتاجية ويضغط على ميزانية الدولة.

التوصيات لتحسين النظام الوقائي

1- إنشاء عيادات وقائية متخصصة:

– عيادة ما قبل السمنة: لمتابعة الأفراد المعرضين للسمنة وتقديم الدعم الغذائي والرياضي.

– عيادة ما قبل السكري: لمتابعة الأفراد المعرضين للإصابة بالسكري وتقديم الإرشادات اللازمة.

– عيادة ما قبل ارتفاع الكوليسترول: لمتابعة الأفراد الذين يعانون من ارتفاع طفيف في الكوليسترول.

2- تطوير نظام رادار صحي:

– رصد عوامل الخطر وذلك بتسجيل وتوثيق مؤشرات الخطر مثل مؤشر كتلة الجسم، ضغط الدم، ومستوى السكر.

– تنبيه الأطباء وذلك بإرسال تنبيهات للأطباء لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

3- تحليل الإحصائيات الصحية:

– جمع البيانات وتحليل نتائج التحاليل الدورية لتحديد التوجهات الصحية.

– تحسين مستمر باستخدام البيانات لتحسين وتطوير الخدمات الصحية المُقدمة.

4- الاعتماد على تحليل البيانات:

– توظيف متخصصين في علم البيانات لتحليل البيانات واتخاذ قرارات مبنية على أسس علمية.

– تدريب الموظفين وتنظيم دورات تدريبية للإداريين وأصحاب القرارات في مجال الإحصائيات الصحية وعلم البيانات.

5- تحويل مراكز المعافاة إلى مراكز وقائية لرصد جميع الأمراض المزمنة ولتقديم خدمات التدريب والتأهيل للعلاج الطبيعي

6- تحديث نظام الملف الإلكتروني:

– استخدام ملف إلكتروني ذكي لرصد المؤشرات الصحية وتنبيه الأطباء عند الحاجة.

– إرسال تقارير إلكترونية لإرسال نتائج التحاليل إلى المرضى وتوجيههم لأخذ مواعيد طبية.

7- تغيير مسمى قسم خدمات التغذية:

تغيير المسمى إلى قسم خدمات التغذية الوقائية والعلاجية والمجتمعية، لتعزيز دور التغذية في الوقاية من الأمراض.

خاتمة:

إن تحويل النظام الوقائي في المراكز الصحية إلى نظام فعّال يتطلب تكامل الجهود واعتماد استراتيجيات مدروسة تستند إلى البيانات والإحصائيات. بتطبيق التوصيات المذكورة، يمكن تحسين جودة الخدمات الصحية وتقليل نسبة الأمراض المزمنة، ما يُعزز الصحة العامة في قطر ويوفر الموارد والجهود على المدى الطويل. و «الوقايةُ دائمًا خيرٌ من العلاج» وتظل المراكز الصحية الحصن الأساسي لحماية صحة المجتمع وضمان مُستقبل صحي أفضل.

 

خبيرة واستشارية في مجال التغذية العلاجية والمجتمعية

 

 

[email protected]