كتاب الراية

همسات قانونية.. التلبس بالجريمة

تسعى كلُ دولة وتتسابق مع غيرها من أجل خلق بيئة آمنة على إقليمها، بحيث يستطيع كلُ إنسان أن يُمارسَ حقوقه وحُرياته دون تقييد، وفي سبيل ذلك تُجرّم الدول كل السلوكيات التي تنال بالاعتداء حقًا من حقوق الإنسان، كما تُحدّد كل دولة الحالات التي يجوز فيها تقييد بعض الحريات متى اقتضت المصلحة العامّة ذلك، ولعلّ من أهم الحالات التي يجوز فيها تقييد حرية الإنسان هي حالة تلبسه بجناية أو جنحة.

حيث اشتملت المادة (37) من قانون الإجراءات الجنائيّة رقْم (23) لسنة 2004 على تعريف التلبس عن طريق تعداد حالاته، إذ نصّت على أن تكونَ الجريمة مُتلبسًا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، وتعتبر الجريمة مُتلبسًا بها إذا تتبع المجني عليه مُرتكب الجريمة أو تتبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مُرتكب الجريمة بعد وقوعها بوقت قريب حاملًا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقًا أو أشياء أخرى يُستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.

فإذا تحققت إحدى حالات التلبس سالفة الذكر، فعلى مأمور الضبط القضائي أن يقومَ بمجموعةٍ من الإجراءات ذات طبيعة استدلاليّة مثل الانتقال فورًا إلى محل الواقعة ومُعاينة الآثار الماديّة للجريمة، والمُحافظة عليها، وأن يُثبت حالة الأماكن والأشخاص وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وأن يسمع أقوال من كان حاضرًا أو من يُمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة ومُرتكبها، ويجب عليه أيضًا أن يخطرَ النيابة العامة فورًا بانتقاله.

ولمأمور الضبط القضائي أن يمنعَ الحاضرين من مُبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر، وله أن يستدعي في الحال من يُمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة، فإذا خالف أحد من الحاضرين أمر مأمور الضبط القضائي، أو امتنع أحد ممن دعاهم عن الحضور يثبت ذلك في المحضر ويعرضه على النيابة العامة التي يجوز لها أن تُصدرَ أمرًا بمُعاقبته بالغرامة التي لا تزيد على ألف ريال، وذلك وَفقًا لنص المادتين 38/39 من قانون الإجراءات الجنائيّة.

وإلى جانب ما سبق من سلطات ذات طبيعة استدلاليّة مُخوّلة لمأمور الضبط القضائي عند تحقق إحدى حالات التلبس، فإن المادة (41) من قانون الإجراءات الجنائيّة وما بعدها من مواد قد خوّلت لمأمور الضبط القضائي سلطات أخرى ذات طبيعة استثنائيّة يمكنه استعمالها ضد من يوجد مُتلبسًا بجناية أو جنحة يُعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ستة أشهر، وهذه السلطات هي القبض والتفتيش، ونظرًا لما تُمثله تلك السلطاتُ من خطورةٍ على الحقوق والحُريات فقد نظمها المُشرّع بشكل دقيق وأحاطها بسياجٍ من الضمانات حتى لا تدنس الحريات والحقوق تحت شعار التلبس.

 

[email protected]

(X) MajdFirm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X