كتاب الراية

همسة ود …. عوامل تسهم في تشكّل نظرة الإنسان للزمن

من أقوال شكسبير في موضوع الزمن أنه بطيء جدًا لمن ينتظر، وسريع جدًا لمن يخشى، وطويل جدًا لمن يتألم، وقصير جدًا لمن يحتفل، لكنه الأبدية لمن يحب، فالكثيرون ينظرون للزمن للماضي على أنه مجموعة ضخمة من الفيديوهات أو سجلات محفوظة في الذاكرة لنسترجع منها سجلات الأحداث في حياتنا. وعادة، فالإنسان ينسى الكثير من الأحداث التي مرَّ بها، ويتذكر القليل منها، فالأحداث والأشخاص في ذاكرتنا تتبدّل دون وعي منا في أغلب الأوقات.

الكثير من الناس ينظرون إلى الزمن نظرة ملؤها النقمة، الزمن الذي في نظرهم قد انفلت من بين أصابعهم كما الرمال من دون أن يستمتعوا به أو يعيشوه كما يعيشه السعداء، هذه النوعية من الناس يكونون رافضين لواقعهم، ناقمين عليه، غير مُتصالحين مع ذواتهم، لذلك نجدهم ينظرون إلى الوراء، ويعتقدون أن الماضي كان أفضل من الحاضر، ولهذا نجدهم يمضون في الزمن، شاخصين ببصرهم وذكرياتهم إلى الوراء، فعلينا ألا نتجاهلَ عنصر الزمن في الحياة لنكون مُتحضّرين وواعين بأهمية الزمن، فالعَلاقة وثيقة بين التحضّر وبين الإحساس بالزمن وتقديره، فلا يمكن للشعوب أن تتقدمَ أو تتفوقَ إن لم يكن تقدير الوقت والإحساس بالزمن محسوبًا على كل مُستويات الحياة.

وهناك عوامل عديدة تُسهم في تشكّل نظرة الإنسان للزمن، منها الذاكرة والتركيز والمشاعر وإحساس الإنسان نفسه بالزمن، وللزمن دور كبير في تحديد الطريقة التي ننظم بها حياتنا والكيفية التي نعيشها بها، كما للذاكرة دور كبير في مجال استفادة الإنسان من الزمن، فأمراض الذاكرة تؤثر على قدرة الإنسان على التفكير بالمُستقبل، فالتفكير مظهر من مظاهر النشاط الإنساني، وهو يتأثر بحالة الإنسان النفسيّة، وتعرّضه للصدمات ووجود بعض الاضطرابات النفسيّة لدى الإنسان مثل القلق والاكتئاب، فعقل الإنسان قادر على أن يكونَ موجودًا في نقطة ما في المُستقبل عكس الجسد الذي لا يستطيع القيام بهذا، فالعقل يستطيع أن يتعدّى حدود الزمن، وأن يرى المُستقبل، ولكن العديد من الناس ينظرون إلى المُستقبل نظرة سلبيّة تُفسد عليهم الحاضر والاستمتاع به، لذلك يتمنون أن يعودوا صغارًا، ليفرحوا بالشيء البسيط الصغير ويجدوه مُثيرًا للاهتمام، ويعودوا بالزمن إلى الفطرة الإنسانيّة السليمة، فطرة الفضول وحب المعرفة، ليحاولوا نسيان كل آلامهم ومواجعهم التي تُسبّب لهم القلق والكآبة، فالزمن قادر على أن يُنسينا كل تلك الآلام، وكما غنّت أم كلثوم أغنية «فات المعاد» التي كتبها مرسي جميل عزيز، ولحنها الفنان بليغ حمدي، وقالت الأغنية:

أنا نسيت الابتسام .. زي ما نسيت الآلام.. والزمن بينسي حزن وفرح ياما، وكما وصف الفيلسوف والإمبراطور ماركوس أوريليوس الزمن بأنه نهر من الأحداث، لذلك أقول دائمًا علينا أن نتذكرَ الأحداث السعيدة، وأن نُحاول نسيان الأحداث المؤلمة، ليكون الزمن الذي نعيشه جميلًا أيضًا.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X