المنبر الحر

العلاقات الاجتماعية الناجحة

بقلم/ علاء أبوشحاتة:

 يقولُ الله في مُحكم كتابه العزيز: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ».

إياك أن تظن أن العَلاقات الناجحة السوية نشأت من العدم أو أسسها أصحابها دون مشقة بالغة وعناء، حتى يظن الرائي أنها سعادة مُطلقة تخلو من المُنغصات والكدر.

العَلاقات الناجحة مثل فصول السنة يُزينها ربيع الحب ورونقه، ويُعكّر صفوها قيظ الصيف وزمهرير الشتاء، وكثيرًا ما تعصف بها عواصف الخريف حتى تكاد أن تقتلعها من جذورها لولا ثبات هذه الجذور وتعمقها في أعماق أرض الحقيقة والمُصارحة.

فحين تُعاني تلك العَلاقات من الأزمات التي تكاد تعصف بها يلوذ أصحابها بما أسسوا عليه بنيانهم، الذي بني بلبنات الحب والمودة والتقدير والاحترام.

عَلاقات أسسها طرفاها وهما على يقين أن الدنيا لا تخلو من المشقة والضغوط العصبيّة، فلا مثالية مُطلقة، فلا أحد يخلو من العيوب، ولا علاقة تقوم بدون شد وجذب ولوم وعتاب وغَيْرَة وعصبية، لكن في النهاية تنتصر المودة والسكينة بما لا يسمح لتلك العَلاقة أن تنهار.

فاللوم والعتاب والغَيْرَة الصحية، علامات مُضيئة على نجاح العلاقة، ومُقويات لجذورها، ومجسات حقيقية لمعرفة قيمة كل طرف لدى الآخر، الصنوبر والقرع يجمعهما أنهما شجرتان، لكن شتان بينهما حين تشتد الرياح وتتلاعب بهما الأعاصير.

العَلاقات الناجحة تقوم على الصدق والمُصارحة والأمان، فالحب والأذى لا يجتمعان، فلا مُعايرة ولا إهانة ولا تجريح، حتى لو قدّر الله لهذه العَلاقات أن تنتهي بالمُفارقة الزوجيّة تظل مُتشبثة بما أسست عليه من مكارم الأخلاق، يقول تعالى: «فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ»، وقال تعالى: «وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا»، ويبقى التقدير والاحترام، فالنهايات أخلاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X