ضوء أخضر.. الصحة النفسية للطلاب أولوية
تحتلُّ الصحةُ النفسيةُ للطلاب في المدارس أهميةً كبيرةً باعتبارها عاملًا أساسيًا لحدوث التوافق والتوازن المُجتمعي والنفسي في حياتهم، لذلك يجب ألا يقتصرَ دور المُعلم في مدارسنا على نقل المعلومة فقط، وإنما يمتدّ للعمل بمهارة من أجل تشخيص مظاهر الاضطرابات السلوكيّة لدى الطلاب والعمل على تصحيحها، وذلك من خلال العلاج بالتحفيز ودراسة خصائص كل مراحل النمو للطلاب، لوضع الخُطط المُناسبة لطرق التدريس، وأساليب وفنيات تعديل السلوك التي تتلاءم مع كل مرحلة عمريّة.
ويجب أن يكونَ دور المؤسسة التعليميّة مُكملًا لدور الأسرة في المنزل، وأن يكونَ دور المُعلم مُربيًا ومُرشدًا وموجهًا وأبًا مع طلابه، ويجب أن يكونَ ماهرًا في التعامل مع مُختلِف طبائع وسلوكيات الطلبة، وما قد يواجهونه في مُعترك الحياة، ومُراعاة الجانب النفسي واكتشاف الحالات التي تحتاج لرعاية واهتمام، وربما تحتاج إلى تدخل من إدارة المدرسة، باعتبار أن المُعلم المُربي له دورٌ بارزٌ في تعزيز الصحة النفسيّة، من خلال مُلاحظة سلوكيات طلابه التعليميّة والتربويّة، ويستطيع بمهاراته التربويّة تعزيز الصحة النفسيّة للطلاب ومُعالجة الحالات الفرديّة التي قد يُلاحظها، وإذا احتاج إلى تدخل المُرشد الطلابي أو دعم إدارة المدرسة فسيجد الجميع يتعاونون معه لاحتواء أي حالة فرديّة تتطلب ذلك. وبما أن الصحة النفسيّة عاملٌ مُهمٌ في تفوّق الطلاب ونجاحهم بجميع المراحل الدراسيّة، لذلك يجب إخضاع المُعلمين الجدد لدورات تدريبيّة لفَهم نفسية الطلاب وإدراك الطريقة الصحيحة للتعامل معهم، لأن التعامل مع طلاب المرحلة الابتدائيّة يختلف عن التعامل مع طلاب الإعداديّة، التي تعتبر مرحلة عنق الزجاجة والتغيّرات الهرمونيّة، كما يختلف التعامل مع طلاب الثانوية المُقبلين على الحياة الجامعيّة، لذلك يجب على المُعلمين في جميع المراحل الدراسيّة التقرّب من طلابهم وكسب قلوبهم، وإشعارهم بالأمان والسلام الداخلي، وإذا حدث ذلك بكل تأكيد أصبحت الصحة النفسيّة في أفضل حالاتها، كما ينبغي التعزيز بعبارات الثناء العاطر، ومنها «أحسنت يا بطل»، «ممتاز أنت مبدع»، «أنت متميز»، وغيرها، وهذه الكلمات سهلة وبسيطة، ولكن لها تأثير عجيب في دعم الصحة النفسيّة، كما يُمكن الاستعانة ببعض الهدايا التي تجمع بين التعليم والترفيه، ولا ينبغي إغفال أهمية التوجيهات والنصائح لمن يُعاني من الضعف التعليمي أو النفسي والتواصل مع ولي الأمر وتقديم الاستشارات التربويّة والنفسيّة التي تفيد الطالب، والاستعانة بأهل التخصص في مجال الصحة النفسيّة والاستفادة من خبراتهم في علاج الحالات. ومن هذا المُنطلق يجب على المُعلمين الإلمام بالمعلومات اللازمة حول خصائص نمو المرحلة العمرية لطلابهم، وأن يوفروا الأمان النفسي للطلاب بنقل خبراتهم الحياتيّة إلى طلابهم لإكسابهم كيفية مواجهة المُشكلات، التي من المُمكن أن تواجههم، وتثقيفهم بحقائق الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة والفكريّة للمُجتمع، ومعرفة آرائهم حولها وتعزيز الصحيح منها مع تصحيح الآراء الخاطئة بطرق سليمة، بالإضافة إلى ضرورة الاحتواء الأمثل لمشاعر الطلاب والاستماع لتعبيرهم عن مخاوفهم والتعامل معها بطرق صحيحة، وإذا واجه بعض المُعلمين والمُعلمات حالات لا تستجيب للتغيير فيجب ألا ييأسوا من المُحاولة والتَكرار وتدريب طلابهم على اكتساب سلوكيات جديدة والمرونة في المُعاملات، وليحتسبوا الأجر والثواب في بناء أجيال المُجتمع.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر