دراجيات.. «أنا امرأة وسأبقى» !
أخر جملة قالتها المُلاكمة الجزائريّة إيمان خليف في ندوتها الصحفيّة بعد التتويج بذهبية الأولمبياد: «أنا امرأة وسأبقى»، في إشارة إلى أنها ستُواصل رفع التحدي ومواجهة كل العالم الذي يُشكك في أنوثتها، وهؤلاء وأولئك يقلبون الموازين حتى يُصبح في نظرهم الظالم على حق، ويُصبح صاحب الحق ظالمًا، وتُصبح إيمان خليف رجلًا في نظرهم، لأنها جزائرية تفوّقت على نسائهم باللكمات، وردّت عليهم بالكلمات اللائقة بعد التتويج، وتوعدتهم بالمُتابعة القضائيّة بعد انتهاء الألعاب في معركة جديدة لردّ الاعتبار.
إيمان خليف: «قلت لكم إنني جئت إلى باريس لتحقيق الحُلم الأولمبي، وتحقق الحُلم، ليعلم العالم كله أني عانيت كثيرًا من أجل هذه اللحظة التاريخية، إنه حُلم طويل وطويل، أنا فخورة بهذا الإنجاز وبأنوثتي وتشريفي للعَلَم الجزائري، قضيتي قضية شرف، هو فوز لكل الجزائريين وكل العرب وكل من ساندني من كل العالم»، وهي كلمات جامعة مانعة تحمل دلالاتٍ ومعانيَ عميقة، قد لا يفهمها من لا يعرف ولا يُدرك المعنى الحقيقي للمرأة، ومعنى الحُلم والقضية، واللحظة التاريخية، والشرف والافتخار والانتصار للوطن وكل الأحرار في العالم.
إيمان خليف، المرأة، كانت رائعة فوق الحَلْبَة وخارجها، حاربت الإساءة بصناعة أجمل قصة نجاح، وردّت باللكمات القوية على المُنافسات، وبالكلمات المُعبّرة على المُشككين في أنوثتها والمُتنمّرين والمُتهكمين عليها، ولقنتهم دروسًا في الصبر والثبات والقدرة على التحمل والتركيز، فصنعت قصة مُلهمة تجعل منها مؤثرة حقيقية في الأجيال الصاعدة التي تبحث عن إثبات ذاتها وتحقيق غايتها في عالم لا يرحم المرأة ولا يرحم الضعيف الذي يستسلم بسرعة أمام حملات التشويش والتشويه والإساءة التي يتعرّض لها العربي والإفريقي والمُسلم، وتتعرّض لها المرأة عمومًا في كل المجالات.
الصعوبات والضغوطات التي تعرضت لها إيمان خليف جعلت من ميداليتها أغلى من الذهب، لأنها ببساطة أصعب وأروع ميدالية أولمبية عبر التاريخ فوق الحلبة وخارجها، خاصة أنها كانت جزءًا من صراع رياضي دولي، وصراع آخر سياسي وأيديولوجي وثقافي وعنصري، خرجت منه مُنتصرة لنفسها وبنات جنسها، وبلدها الذي وقف معها بشكل غير مسبوق، مثلما وقف معها أحرار العالم في كل مكان رغم تهكم مُمثل روسيا في مجلس الأمن، وقبله مُرشح الرئاسيات في أمريكا دونالد ترامب، ورئيسة وزراء إيطاليا، ومالك مِنصة «تويتر» ايلون ماسك، وغيرهم من الذين ركبوا الموجة.
«أنا امرأة وسأبقى»، وبالنسبة إلينا أنت امرأة ذهبية في كل الفنون، في فن المُلاكمة وفن الصبر، وفن الكلام مع وسائل الإعلام، خاصة عندما استعنتِ بالله وافتخرتِ بأنوثتكِ، وستبقين كذلك في كل الظروف والأحوال، لذلك تستحقين كل الجوائز والتكريمات، وكل التقدير والاحترام والتشجيع، على أنك كنتِ وما زلتِ امرأةً بألف رجل من الذين تهكموا عليكِ.