عدالة ناجزة في قضايا الشيكات
إنجاز قضائي بارز لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030
السرعة تعزز الثقة في الشيكات بوصفها أداة وفاء في المعاملات التجارية
آليات فعالة للإسهام في تحقيق العدالة الناجزة
توفير الوقت والجهد على الأطراف المتنازعة
الدوحة – نشأت أمين:
أكد محامون ورجال أعمال أن سرعة إصدار الأحكام في قضايا الشيكات تردع المتلاعبين في إصدارها، وتعزز الثقة فيها بوصفها أداة وفاء في المعاملات التجارية ولفتوا في تصريحات خاصة لـ الراية إلى أن تقرير المجلس الأعلى للقضاء الذي يفيد الفصل في 99% من قضايا الشيكات المتداولة أمام المحاكم في العام الماضي، يمثل إنجازًا مهمًا لم يأت وليدًا للصدفة وإنما جاء في إطار الخطة الاستراتيجية لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، في شقها المتعلق بتعزيز الأداء القضائي وتحقيق قضاء ناجز وعادل.
وأوضح المحامون ورجال الأعمال الذين تحدثوا لـ الراية أن الفترة الأخيرة شهدت استحداث العديد من الآليات الفعالة التي تسهم في تحقيق العدالة الناجزة، و توفير الوقت والجهد على الأطراف المتنازعة، وتسكين الحقوق بسرعة و منها العمل بالإعلانات على العنوان الوطني، وتسجيل دعاوى جُنح الشيكات بدون رصيد إلكترونيًا عبر تطبيق مطراش وإحالتها إلكترونيًا بأمر إحالة لمحكمة جنح الشيكات التي شهدت نموًا وتزايدًا في عدد الدوائر والقضاة وكمية نظر الدعاوى، ما أسهم في السيطرة على الأعداد الكبيرة لقضايا الشيكات بدون رصيد وصدور أحكام سريعة، المزيد من التفاصيل في السطور التالية:
الشيخ أحمد بن محمد آل ثاني: قضايا الشيكات تتطلب سرعة في الحسم
أكد الشيخ أحمد بن محمد آل ثاني -المحامي- أن تقرير المجلس الأعلى للقضاء الذي يُفيد الفصل في 99% من قضايا الشيكات المُتداولة أمام المحاكم في عام 2023، يمثل إنجازًا لافتًا، وربما يكون غير مسبوق على مستوى الإقليم، مضيفًا أن هذا الإنجاز القضائي البارز لم يأت وليد الصدفة، وإنما جاء في إطار الخطة الاستراتيجية لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، في شقها المتعلق بتعزيز الأداء القضائي وتحقيق قضاء ناجز وعادل.
وأوضح أن إحدى الخطوات المهمة التي اتخذتها دولة قطر في هذا السياق كانت إصدار قانون محكمة الاستثمار، الذي شكل نقلة نوعية في تسهيل وتسريع إجراءات التقاضي المُتعلقة بالاستثمار والتجارة. وقد جاء هذا القانون كجزء من حزمة تشريعية واسعة النطاق تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار في قطر، وذلك من خلال توفير نظام قضائي يتميز بالسرعة والفاعلية في حل النزاعات التجارية.
ولفت إلى أن قانون إنشاء محكمة الاستثمار كان له أثر كبير في تحقيق هذه الأهداف، حيث أسهم في تبسيط الإجراءات وتقليل الزمن المستغرق في الفصل في النزاعات التجارية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالشيكات، التي تُعد من أبرز الأعمال التجارية في الدولة.
وقال: إن هذه القضايا تتميز بطبيعة حساسة تتطلب سرعة في الحسم، وقد جاء هذا القانون ليعزز من قدرة النظام القضائي على الاستجابة لهذه الاحتياجات. إضافة إلى ذلك، قامت السلطة القضائية بتفعيل نظام «أوامر الأداء»، وهو نظام قضائي إيجازي يتيح إصدار أحكام قضائية سريعة في القضايا التي لا تستلزم إجراءات معقدة. ويعد هذا النظام من الآليات الفعالة في تحقيق العدالة الناجزة، حيث يسهم في توفير الوقت والجهد على الأطراف المتنازعة، ويسهم في تسكين الحقوق بسرعة وفاعلية. ومن خلال هذا النظام، يمكن للمحاكم إصدار أوامر قضائية ملزمة في دعاوى الشيكات محل أوامر الأداء، دون الحاجة إلى المرور بالإجراءات التقليدية الطويلة، ما يعزز من كفاءة النظام القضائي ويحقق أهداف الاستراتيجية الوطنية.
راشد الدوسري: السرعة في الأحكام تردع المتلاعبين
أكد راشد الدوسري -رجل أعمال- أن السرعة في إصدار الأحكام في قضايا الشيكات لاشك أنها تردع الأشخاص المتلاعبين، لافتًا إلى أن هناك دولًا ابتكرت حلولًا أخرى من أجل سرعة سداد قيمة تلك الشيكات،
دون الحاجة إلى رفع قضية حيث يكفي أن يقدم الشخص الشيك للبنك فيقوم البنك بتقييد حسابات الشخص المسحوب عليه من خلال المصرف المركزي في هذه الدولة، وتحصيل قيمة هذا الشيك،
وقال إن الشيكات أداة دفع وهي مثل المقابل المالي تمامًا ولكنه مؤجل السداد إلى وقت معين، موضحًا أنه سبق أن قام برفع قضية شيكات على أحد الأشخاص في عام 2016 بمبالغ كبيرة، إلا أن صدور الحكم فيها قد استغرق فترة من الزمن حتى استنفد الشخصُ المحكوم عليه جميع درجات التقاضي.
د. خالد عبدالله المهندي: تسارع ملحوظ في سرعة الفصل
أكد د. خالد عبدالله المهندي -المحامي بالتمييز والباحث في مكافحة الفساد والتنمية المستدامة- أن العدالة البطيئة، كما يقال نوع من الظلم، لافتًا إلى أن التحسن المشار إليه بالتقرير الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء في رصد حدوث تحسن في متوسط عمر الدعوى، لاسيما الفصل في دعاوى الشيكات بدون رصيد في عام 2023 إنما جاء في إطار تصميم المجلس الأعلى للقضاء على تنفيذ التوجيهات السامية بتحقيق العدالة الناجزة، وقال: إن الدفوع الجوهرية والموضوعية لاسيما المُتعلقة باستدعاء شهود الإثبات والنفي، وإحالة الدعوى للخبير هي إجراءات -على سبيل المثال لا الحصر- تستنفد وقتًا من إجراءات الدعوى، لاسيما إذا كان تقرير الخبير ناقصًا، حيث يُعاد من القاضي إلى الخبير لاستكماله.
ولفت إلى أن تجاوز تلك الإجراءات -لأي سبب كان- يؤدي لبطلان الأحكام من قضاء الاستئناف أو التمييز، وبالتالي يعاد لمحكمة الموضوع لتفصل فيه بهيئة أخرى، وأوضح أن هناك عوامل تؤدي لتعطيل الفصل بالدعاوى، مضيفًا أن الدعاوى المدنية والجنائية والتجارية، ولجان فض المنازعات الإيجارية شهدت تسارعًا ملحوظًا في الفصل فيها، لاسيما في عام 2023، وكذلك النصف الأول للعام 2024، وقال: من ضمن أسباب التسارع في صدور الأحكام في القضايا النوعية للشيكات بدون رصيد، وتحقيق العدالة الناجزة، عدةُ عوامل: منها العمل بالإعلانات على العنوان الوطني، وتسجيل دعاوى جنح الشيكات بدون رصيد إلكترونيًا عبر تطبيق «مطراش» وإحالتها إلكترونيًا بأمر إحالة لمحكمة جنح الشيكات التي شهدت نموًا وتزايدًا في عدد الدوائر والقضاة وكمية نظر الدعاوى، ما أسهم في السيطرة على الأعداد الكبيرة لقضايا الشيكات بدون رصيد وصدور أحكام سريعة.
ونوه بأن الأحكام الصادرة من محكمة جنح الشيكات في حالة الإدانة بجريمة إصدار شيك بدون رصيد تصدرُ في الإطار القانوني لنص الماده 357: (يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب بسوء نية أحد الأفعال التالية: أعطى شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك، أو سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل أو بعضه، بحيث لا يفي الباقي بقيمته، أو أمر المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه، أو تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه، أو ظهَّر لغيره أو سلَّمه شيكًا مستحق الدفع لحامله، وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف).
علي عجلان المري: الشيكات سلسلة متصلة الحلقات
قال علي عجلان المري -رجل أعمال- إن الشيكات أصبحت عصب العمل التجاري، ولا يمكن الاستغناءُ عنها وهي سلسلة متصلة الحلقات، ومن ثم فإن تعثر أي حلقة فيها سوف يؤدي إلى تعثر بقية الأطراف، وأوضح أن قضية الشيكات عندما تصل إلى القضاء فإن محكمة الجنح تحكم في الشق الجنائي من القضية أولًا، وبالتالي فإن الحكم الذي يصدر على الشخص المتعثر أو غير الملتزم يكون إما بالحبس أو الغرامة، لافتًا إلى أنه رغم أن إصدار الأحكام في قضايا الشيكات بات أسرع من السابق، إلا أن صدور الحكم في الشق الجنائي لا يعني أن المشكو في حقه سوف يدفع قيمة الشيك، وإنما سوف يتعين على الطرف الصادر لصالحه الحكم أن يرفع دعوى أخرى أمام المحكمة المدنية بموجب هذا الحكم الجنائي لكي يسترد قيمة الشيك. ولفت إلى أن هناك أشخاصًا يتلاعبون بالفعل فيما يتعلق بقضية إصدار الشيكات وبعضهم يتهاون فيها، اعتمادًا على أنه ربما تقوم بعض الجمعيات الخيرية بسداد قيمتها نيابة عنه في حال الحكم عليه وسجنه، وفي المقابل هناك أيضًا أشخاص يحاولون الوفاء بالتزاماتهم وسداد قيمة ما عليهم من شيكات حتى تظل صفحتهم بيضاء.
جابر راشد المري: قوة الشيك من قوة الاقتصاد
اعتبر جابر راشد المري -رجل أعمال- أن قوة الشيك من قوة الاقتصاد، وهذا لُب الاقتصاد، وإن الدعوة إلى السرعة في الفصل في قضايا الشيكات لا تعني عدم الأخذ بعين الاعتبار الأشخاص الجادين الذين يتعثرون في السداد، لأسباب خارجة عن الإرادة بسبب ظروف السوق، وإنما أقصد هؤلاء الأشخاص المتلاعبين. وأكد أن حكم الشيك هو أداة ضغط على الأشخاص المتلاعبين، لذلك فإن السرعة في إصدار الأحكام المُتعلقة به من شأنها أن تُشكل عنصرَ ضغط على الطرف الآخر، حتى يقوم بدفع قيمة الشيك وإلا تعرَّض للحبس، أو غير ذلك من الإجراءات التي نص عليها القانون، ولفت إلى أن الشيكات لابد منها في عالم المال والتجارة، ولا يمكنُ الاستغناء عنها، ولذلك فإن المحافظة على مكانتها قضية في غاية الأهمية.