حديث الخاطر …. كُن محبوبًا
سألتُ نفسي ذات مرة، ما الشيء الذي يجعل الإنسان محبوبًا عند الله ومحبوبًا عند الناس؟
فوجدت أن هناك أعمالًا وأقوالًا، يقوم بها الإنسان، تجعله محبوبًا عند الله، ومن هذه الأعمال على سبيل المثال الإكثار من نوافل العبادات، مثل نوافل الصلاة من قيام الليل وصلاة الضحى والنوافل الأخرى، ومثل نوافل الصوم، مثل صيام يوم عرفة والإثنين والخميس، وصيام يوم عاشوراء والأيام البيض، وغيرها من نوافل الصوم، وكذلك نوافل العبادات الأخرى، كما جاءَ في الحديث القدسي (وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه)، فإذا أكثر الإنسان من نوافل العبادات والطاعات أحبه الله وقرّبه واجتباه، وكذلك وجدت أن الزهد في الدنيا والإعراض عنها وعدم الالتفات إلى زينتها والطمع فيها، سبب لمحبة الله وقربه.
قالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (ازهد في الدنيا يحبك الله)، فطلب الدنيا والانكباب عليها والجري وراءها، يبعد الإنسان عن ربه وعن محبته وقربه.
ووجدت كذلك أن اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الأسباب لمحبة الله، قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ)، فاتباع سنة النبي وما جاء عنه من أعمال وأقوال سبب لمحبة الله للعبد، وكذلك من الأشياء التي تُقرّب الإنسان من الله وتجعله محبوبًا عنده تواضعه للمؤمنين وخفض الجَناح لهم وعدم التكبّر عليهم، قالَ الله عزّ وجلّ (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين)، ومعنى «أذلةٍ على المؤمنين» أنهم مُتواضعون لهم وغير مُتكبّرين عليهم.
ومن الأشياء التي تجعل الإنسان محبوبًا عند الناس ألا ينظر إلى ما عندهم من زينة الدنيا ولا يطمع فيما عندهم من نعيم الدنيا الزائل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ازهد في ما عند الناس يحبك الناس)، لأن الذين يحبون زينة الدنيا لا يحبون الذي ينافسهم على دنياهم، لأن الدنيا هي همهم ومطلبهم، ويريدون الدنيا لهم وليس لغيرهم، لأنهم نسوا الآخرة ونعيم الجنة.
كما قال ابن القيم (إذا رأيت الناس ينافسونك على الدنيا فأرمها عليهم ونافسهم على الآخرة)، وكذلك من الأشياء التي تجعلك محبوبًا عند الناس تعاملك معهم بالحُسنى والأخلاق الطيّبة، من الكلام الجميل والخُلق النبيل والآداب الحسنة، فهذه الأشياء هي التي تُقرّبك من الله وتُقرّبك من الناس، وليس المال والمنصب والنسب والقوة والجمال والجاه والثراء، هي التي تُقرّبك من الله، أو تُقرّبك من الناس لكسب قلوبهم ومحبتهم.