العلاج المبكر يمنع تفاقم الاضطرابات النفسية
عدم تجاهل علامات الإنذار المبكر لمشاكل الصحة النفسية
مراجعة الطبيب في حالات القلق المستمر دون أسباب
الدوحة – إبراهيم صلاح:
حذر عددٌ من الخبراء والأطباء النفسيين من تجاهل علامات الإنذار المبكر التي تشيرُ إلى المعاناة من مشاكل في الصحة النفسية وتؤدي إلى الاضطرابات النفسية، دون مراجعة الطبيب المختص سواء الشعور بالانفعال والتوتر والرغبة بالبكاء، وقضاء الكثير من الأوقات على انفراد وتجنب الأنشطة الاجتماعية، والشعور بالتعب والإرهاق وصعوبة الاسترخاء أو التركيز والشعور بالحزن تجاه النفس واتّباع نظام غذائي غير صحي والشعور بالقلق أو الخوف أو التوتر أو التشنج إلى جانب الشعور باليأس والعجز ووجود أفكار لإيذاء النفس.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لـ الراية أن هناك فرقًا بين المُشكلات النفسية المؤقتة والمُرتبطة بعارض ما أو قلق ينتهي بانتهاء هذا العارض وبين الاضطرابات النفسية المُستمرة، التي تستلزم زيارة الطبيب المُختص لمنع تطورها وبيان طريقة العلاج سواء بالجلسات الحوارية، أو الحصول على علاج دوائي كالقلق المُستمر دون أسباب والقلق المرتبط بالاختبارات أو السفر.
وأكدوا استمرار الوصمة الاجتماعية نحو المريض النفسي رغم انخفاضها خلال السنوات الماضية، وأنها تتسبب في عدم وصول العديد من الحالات إلى العيادات المُختصة خوفًا من نظرة المجتمع وربطها بالجنون، وفي كثير من الحالات ينظرُ لها بعض الأفراد نظرة أسوأ من النظرة إلى السجين.
وأكدوا أن التقرب إلى الله يحمي من الاضطرابات النفسية، سواء عن طريق الارتباط بالمسجد، أو المدوامة على قراءة كتاب الله، والبعد عن العزلة وأن يكون الفرد اجتماعيًا بحضور حلقات العلم، إلى جانب شغل أوقات الفراغ بما ينفع، مُطالبين بضرورة تفعيل الدور التوعوي لإزالة الوصمة الاجتماعية نحو المريض أو المضطرب نفسيًا.
د.بتول خليفة: يؤثر على المزاج والتفكير والسلوك
أكدت د.بتول خليفة أستاذ الصحة النفسية المشارك غير المتفرغ بجامعة قطر تحول المشكلات إلى اضطرابات نفسية إذا لم يتم علاجها بزيارة الطبيب المختص، لاسيما أن الاضطراب النفسي له علاقة بالصحة العقلية والنفسية ويؤثر على المزاج والتفكير والسلوك.
وقالت: يجب أن نفرِّق ما بين الاكتئاب وسلوك الاكتئاب، وهو ما تحدده العيادة النفسية، وزيارتها مهمة جدًا إذا ما لاحظ الفرد أيًا من أعراض الإنذار المبكر التي استعرضتها وزارة الصحة العامة، وتشير إلى المُعاناة من مشاكل في الصحة النفسية، موضحة أن المشكلات النفسية لا تدعو للقلق ولكن يكون القلق في حالة الاضطرابات النفسية، فعلى سبيل المثال الاكتئاب له علاقة باضطرابات داخلية سواء التاريخ العائلي أو العديد من المؤشرات، وهذه المؤشرات توضح إذا ما كان الفرد لديه مشكلة أو اضطراب أو مرض.
وتابعت: إذا ما حدث تغيُّر في الحالة المزاجية للشخص أو ظهرت عليه حالة من الحزن والعزلة والابتعاد عن الآخرين وعدم الرغبة بالتواجد أو فقدان التركيز ورغبة في البكاء والصراخ وظهرت هذه الأعراض مُجتمعة أو بشكل فردي وبصورة متكررة يجب على الفرد الذهاب مباشرةً إلى الطبيب النفسي أو المُختص بعلم النفس الإكلينيكي ممن لديهم رخصة مهنية، ليتبين إذا ما كان بحاجة للعلاج.
ولفتت إلى تغير النظرة المجتمعية نحو المريض النفسي أو من لديه مشكلات نفسية في السنوات العشرين الأخيرة، في ظل ما تقدمه الدولة من عيادات متطورة ودور توعوي بأهمية الكشف عن الأعراض المُسببة للأمراض النفسية ومنها تطورت نظرة المجتمع نحو تلك الأمراض والتعامل معها أصبح مثل التعامل مع أي مرض يصيب الإنسان.
د.العربي عطا الله: الوصمة الاجتماعية للمريض النفسي أسوأ من النظرة للسجين
أكد د.العربي عطا الله استشاري في الإرشاد النفسي والتربوي، وجود نوع من القلق والخوف في المجتمع العربي أو الأوروبي وعدم الرغبة بالذهاب من أجل الكشف سواء كان مبكرًا أو بتشخيص الحالة التي يعاني منها الشخص، كالقلق والاكتئاب والتوتر واضطرابات في النوم والأرق وبعض الآلام في الجسد حيث يسبب المرض النفسي آلامًا عضوية، مع عدم الرغبة في الأكل وعدم الرغبة بالتحدث أو الجلوس مع الآخرين والميول إلى العزلة والانطوائية بالإضافة إلى التفكير السلبي الذي يطغى على المريض أو المضطرب نفسيًا بشكل وسواسي وعدم الرغبة في الحياة.
وقال: لابد أن نتعرف على هذه الاضطرابات والمشكلات ويكون هناك قبول في المجتمع بأن المريض المُضطرب نفسيًا مثله مثل أي مريض، كمريض السكر والضغط وأي مرض من الأمراض، مؤكدًا أن المجتمعات مازالت تعاني من الوصمة الاجتماعية للمرض النفسي وعدم الذهاب للطبيب وإذا ما ذهب يذهب بطريقة مُتخفية ويطلبُ كثيرُ من الحالات ألَّا يسجل الاسم في الكشوف حتى لا يكون لديه أي سجل مرتبط بالمرض النفسي، وأن المريض النفسي إنسان منبوذ، وأحيانًا النظرة للسجين تكون أفضل من النظرة للمريض النفسي.
الشيخ أحمد البوعينين: التقرب إلى الله يحمي من الأمراض النفسية
أكد فضيلةُ الشيخ أحمد البوعينين أن التقرب إلى الله يحمي من الاضطرابات النفسية سواء عن طريق الارتباط بالمسجد، والمدوامة على قراءة كتاب الله والبعد عن العزلة، وأن يكون الفرد أكثر اجتماعيَّة بحضور حلقات العلم إلى جانب شغل أوقات الفراغ بما ينفع. وقال: لا نقول إن الطبيب النفسي ليس له دور وإنما الأمراض النفسية أو الاضطرابات النفسية جميعُها مثل أي مرض ممكن أن يُصاب به الإنسان كآلام المعدة أوالأسنان، وعند الإصابة يذهب الفرد مباشرةً إلى الطبيب المُختص، ويمكن أن يحمي الفرد نفسه من الاضطرابات النفسية وتفاقمها بالتقرب إلى الله والبعد عن أوقات الفراغ التي تسبب زيادة في القلق والتفكير، لأن الحياة دائمًا ما تكون مرتبطة بمشقة وصعوبات وعند فراغ الإنسان من أي نشاط ستزداد عنده حالات التفكير السلبي التي من المُمكن أن تصل إلى الانتحار إذا ما سلّم الفردُ نفسه لتلك الاضطرابات دون تدخُّل أو علاج.
د.حمدة المهندي: الاضطرابات تظهر من سن 14 سنة
شدَّدت د. حمدة المهندي استشارية نفسية وتربوية، على ضرورة عدم التساهل في ظهور أي علامات للإنذار المبكر بشأن المُعاناة من مشاكل في الصحة النفسية، لاسيما أنها تظهر بشكل مُبكر في سن الـ 14 إلى 24 سنة، بصورة كبيرة والتعامل معها عن طريق استشارة الطبيب المختص، مثلها مثل أي مرض يُصاب به الإنسان. وقالت : هناك فرقٌ ما بين الشعور بالقلق المُرتبط بحدث ما كالسفر أو الاختبارات وغيرها ويكون لحظيًا مرتبطًا بانتهاء وقت المُسبب للقلق، وبين القلق المُستمر المُرتبط بالشعور بالخوف أو التوتر أو التشنج، ويستطيع الفرد بنفسه التفريق بينهما لأنه يدرك أن قلقه مرتبط بحدث ما أو مستمر في جميع جوانب حياته بدون أي أسباب مقنعة. وتابعتْ: ظروف الحياة لم تعد مثل السابق وأصبحت مملوءة بالضغوطات التي تمر على كافة أفراد الأسرة، ومنها قد يُحدث تلك الاضطرابات النفسية، التي يجب على الفور التدخل باستشارة الطبيب المختص لتجاوزها بالصورة المُناسبة. موضحة أن أيًا من أعراض الإنذار المبكر التي حددتها وزارة الصحة العامة إذا ما تجاوزت الحد المعقول يجب على الفرد الاستعانة بالطبيب المختص عبر العيادات التي توفرها الدولة .
وأكدت أهمية تعزيز النظرة المجتمعية نحو الطب النفسي وأهمية العلاج في ظل أن الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية تمنع وصول العديد من الحالات لاستشارة الطبيب والتي ممكن أن تتسبب في زيادتها وتفاقم الحالة بشكل أكبر.