الباب المفتوح …. دروس من تاريخ العرب
لم تُذكر الحقائق، كما يجب، عن الجيوش العربيّة الباسلة في شهر مايو 1948، بل تمّت صياغة التاريخ ليظهر العرب بصورة المهزوم المُتخاذل، وهذا غير صحيح، بعيدًا عن القيادات والحكومات، والحقيقة المُجردة الموضوعية هي غير ما ذُكر في الكتب والمراجع، وهي كما يلي، بعد انتهاء الانتداب البريطاني في أواخر عام 1947، الذي كان من أهم أسباب نهايته، هجمات العصابات الإسرائيليّة على مقرات الجيش البريطاني، وتحالف اليهود مع الولايات المُتحدة كراعٍ جديد للمشروع الصهيوني، وسلمت بريطانيا مُعسكراتها الجاهزة ومُعَدَّاتها العسكريّة ومخازن الذخائر إلى ميليشيات اليهود، ذلك الوقت قبل الحرب، وقبل إعلان دولة إسرائيل، وانسحبت بقايا الجيش البريطاني، ليترك كل شيء للميليشيات الإسرائيليّة، حيث شارك جزء منها في بعض معارك الحرب العالمية الثانية، وحصلوا على التدريب والمهارة، في المُقابل فإن بعض الدول العربية لم تتشكل ككِيانات سياسية مُتكاملة، بل كان بعضها تحت الاحتلال أو الانتداب بشكل أو بآخر، ولم يكن لديها جيوش نظامية ولا تسليح نظامي، لذلك سيدي القارئ، علينا أن نُدرك أن إجمالي عدد الجيوش العربية بكل مكوناتها لم يتجاوز في البداية ال 25000 مُقاتل بتسليح أقل من الحد الأدنى، حسب معظم المصادر المكتوبة والمروية، ليصل الحد الأقصى، مع المتطوعين، إلى ما يزيد على الأربعين ألفًا بقليل، وهو ما أطلق عليه جيش الإنقاذ، بينما كانت ميليشيات اليهود قد بدأت الحرب ب 30 ألف مقاتل بتسليح كامل، لتصل فيما بعد إلى ما يزيد على مئة ألف مقاتل، بتسليح كامل ومتعدد التشكيلات من مشاة إلى مِدفعية وفرق خاصة، وحتى سلاح الجو، مدعومة من تشيكوسلوفاكيا وروسيا والولايات المُتحدة بشكل مباشر، نعم هذه هي المُعادلة، كانت القوات العربية تخوض معركة تحرير وبقاء وإيمان وحق، مع الإيمان بنيل الشهادة، بدون تسليح ولا تنظيم ولا دعم دولي، بينما المُقابل يملك كل مُكوّنات الانتصار، لتستمر المعارك الضارية، أكثر من تسعة أشهر، ووقف العالم المُسلّح القوي أمام إرادة الشرفاء من العرب، فخسر العرب المعركة، ولكن بشرف، لتأتي الكتب والمراجع وتُصوّر تضحيات الشرفاء من الأمة على أنها هزيمة وخيانة، في طرح أُريد له أن يظهر أن المعركة بين جيوش نظامية جرارة وبين ميليشيات غير مُنظمة، وهذا غير صحيح، إن سبب الطرح ومكمن القول في هذه المقالة هو أن كل من قاتل في تلك الحرب قد اغترف من شرف القضية الفلسطينيّة، سواء انتصر أم خسر، واليوم نقول إن القليل من الشرف في دعم القضية الفلسطينيّة، وهي في أشد وأصعب مراحلها، لا يضرّ، وإن كل من تضامن مع آلام وتضحيات هذا الشعب المقهور والمغلوب على أمره، قد عبّر عن إنسانيته وأخلاقه الكريمة، فقليل من الشرف لا يضرّ.