الدوحة – جواهر علي :
يعتقد الخبراءُ أن اعتماد كثيرٍ من الناس على وسائل التواصل يُشبه الإدمان، حيث بدأت الدراسات توضح أن الاستخدام المُفرط لوسائل التواصل لا يُضعف قدرة الأشخاص على اتخاذ القرارات وحسب، بل قد يجعل لديهم مواقفَ وأفكارًا وسلوكياتٍ تحاكي سلوكيات مُدمني المخدرات، في كثير من الأحيان.
ففي نهاية عام 2018، عرض باحثون على بعض المشاركين إيقاف حساباتهم على موقع “فيسبوك” لمدة عام واحد فقط، مقابل مبلغ تجاوز ألفي دولار. لكن معظمهم رفض العرض بشكل مطلق، ما أظهر مدى اعتماد البعض على وسائل التواصل أو إدمانهم عليها، لدرجة تجعلهم لا يفكرون في تعطيل حساباتهم لمدة عام واحد حتى لو مقابل المال.
وجاءت دراسة أجراها باحثون بجامعة ولاية ميشيغان، نُشرت مطلع 2019، وأظهرت أن “الإفراط في استخدام وسائل التواصل لا يُهدر ساعات لا حصر لها من اليوم فقط، بل قد يؤثر أيضًا على قدرات الناس على اتخاذ القرارات، ويجعلهم أكثر عرضة للانخراط في أعمال وسلوكيات محفوفة بالمخاطر، بالضبط كما يحدث في حالات إدمان المخدرات. “
وقال البروفيسور دار ميشي المُشرف الرئيسي على الدراسة “أعتقد أن وسائل التواصل لها فوائد هائلة، ولكن هناك أيضًا جانب مظلم عندما لا يتمكن الناس من الابتعاد عنها. “
ولاحظ دكتور ميشي أن من يبالغون في استخدام مواقع التواصل يُظهرون انشغالًا بها حتى عندما لا يستخدمونها، ويتحسن مزاجهم عند وصولهم إليها، ويفرحون بالمكافآت الاجتماعية التي تأتيهم من تفاعلاتها. ولا يمانعون في مواجهة المشاكل مع الآخرين بسبب استخدامها، وعند محاولة الإقلاع عنها تظهر عليهم أعراض الانسحاب، وغالبًا ما ينتكسون، ويُصبحون كمن يعانون من المخدرات والإدمان السلوكي، ويجدون صعوبة في اتخاذ القرارات المعززة للذات.
ولتحديد ما إذا كان هذا يُعد إدمانًا يجعل الشخص غير قادر على التكيف، طلب ميشي وزملاؤه من 71 مشاركًا القيام بتمرين شائع يستخدمه علماء النفس لقياس القدرة على اتخاذ القرارات. ووجدوا أنه كلما زاد استخدام المشاركين لوسائل التواصل بإفراط كان أداؤهم أسوأ، وتشابهت نتائجهم مع نتائج مدمني المواد المخدرة، ما يعني أن هذين الإدمانين يسببان قصورًا في اتخاذ القرار.
وفي منتصف يونيو الماضي، تناولت دراسة في جامعة فيكتوريا الأسترالية تزايد المخاوف من إساءة استخدام وسائل التواصل أو “الاستخدام الإشكالي” الذي يشبه الإدمان السلوكي وإدمان المواد المخدرة، من حيث هيمنته على حياة الشخص واهتماماته، لدرجة تؤدي للمساس بدوره والتزاماته الدراسية والعملية والأسرية.
واستشهدت عالمة النفس الأمريكية، الدكتورة ليندسي أوبيرليتنر، في حديث لشبكة “فوكس نيوز” مؤخرًا بمستخدم لموقع “رديت ” (Reddit) كتب يقول “أنا مدمن على هاتفي بجنون، فالساعات الخمس التي أقضيها أمام الشاشة تُسبب لعقلي أسوأ حالة من القلق، لدرجة تجعلني أفكر كثيرًا في انتظار رد أحدهم على ما أرسلته إليه.
وحذرت أوبيرليتنر من أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل يمكن أن يُسبب ضعفًا في الأداء الدراسي أو الوظيفي، كما يُعمق مشاعر العزلة والوِحدة، ويُكوّن صورة سلبية عن الذات، أيضًا يُصيب بصعوبات النوم، والأكل المضطرب ، ويزيد من أعراض الاكتئاب والقلق.