تتطور الحياة التِجاريّة بوتيرةٍ مُتسارعة ومُتناسبة مع التطوّر الهائل الذي هو سمة العصر الذي نعيش فيه، ولذلكَ تتنافس دول العالم قاطبة في تنظيم كافة الأعمال التِجاريّة بما يُحقق مصالحها وأهدافها الاقتصاديّة، ولا ريب أنَّ من أهم الأعمال التِجاريّة، عمليات النقل البحري، بما لها من طبيعة مُعقدة تنطوي على الكثير من الإجراءات وتستلزم وجود خبرة ودراية بالطرق الملاحيّة وعقود النقل وإجراءاته، حيث شهدت الحياة العملية وجود شخص يختص بالقيام بمهام عملية النقل نيابة عن المُرسِل، وهو ما يُعرف بالوكيل بالعمولة، حيثُ عرفت المادة (208) من قانون التجارة رقْم 27 لسنة 2006 الوكيل بالعمولة بأنه الشخص الذي يتعاقد باسم موكله أو باسمه مع ناقل على نقل شيء أو شخص من مكان مُعين إلى مكان آخر لحساب الموكل، وبأن يقوم عند الاقتضاء بالعمليات المُرتبطة بهذا النقل، وذلك في مُقابل عمولة يتقاضاها من الموكل.

وبذلكَ فإنَّ مهمة الوكيل تقتضي أن يقومَ بالتعاقد على عملية النقل لحساب موكله، كما يلتزم بالقيام بكافة الإجراءات المُرتبطة بعملية النقل، وتظهر أهمية دور وكيل النقل في أنه يتحمّل مسؤولية الشيء المُراد نقله من تاريخ تسلمه وحتى تسليمه في المكان والزمان المُتفق عليهما، وهو ما يُشكّل ضمانة هامة للمُرسِل، حيث يجوز له الرجوع على الوكيل بالعمولة عمَّا قد يحدث من تأخيرٍ أو تلفٍ أو ضياعٍ للشيء المُراد نقله، كما أقرّت المادة (210) من قانون التجارة مسؤولية الوكيل عن ضمان سلامة الراكب، إذ يُسأل عمَّا يلحق الركاب أثناء تنفيذ عقد النقل من أضرارٍ مهما كانت طبيعتها، كما يُسأل أيضًا عن هلاك الأشياء محل النقل سواء كان هلاكًا كليًا أو جزئيًا. وللوكيل بالعمولة الحق في الرجوع على الناقل بالتعويض الجزئي أو الكلي طبقًا لدرجة خطأ الناقل، وذلك في حال ما إذا كان الضرر أو التلف راجعًا إلى تصرّفه أو تصرّف تابعيه، ولا يجوز للوكيل بالعمولة أن يتفقَ مع المُرسِل على إعفائه من المسؤولية، إذ قضت المادة (211) من قانون التجارة ببطلان كل شرط يقضي بإعفاء الوكيل بالعمولة من المسؤولية، إذ إنَّ أي شرط يُعفي الوكيل من المسؤولية إعفاءً كليًا أو جزئيًا يقع باطلًا بقوة القانون، ما لم يكن شرط الإعفاء من المسؤولية مكتوبًا، وأن يكون الوكيل بالعمولة قد أعلمَ به الموكل أو الراكب صراحةً، وإن كان قانون التجارة قد أقرَّ مسؤولية الوكيل بالعمولة عن محل النقل إلا أنها ليست مسؤولية مطلقة، إذ يجوز له أن يدفع هذه المسؤولية بإثبات القوة القاهرة التي حالت بينه وبين تنفيذ ما التزم به، كما أنَّ إثبات العيب الذاتي للبضائع الذي سبب الضرر ينفي مسؤولية الناقل، كذلك، فإنَّ خطأ المُرسِل أو المُرسَل إليه يُسقط مسؤولية وكيل النقل بالعمولة.

(X) MajdFirm

[email protected]