حَجَز

الحَجْزُ: المنعُ بين الشيئين بفاصل بينهما، يقال: حَجَزَ بينهما. قال عزّ وجل: (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزًا) النمل: ٦١، والحِجَاز سمّي بذلك لكونه حاجزًا بين الشام والبادية، وقال اللهُ تعالى: (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) الحاقة: ٤٧، فقوله: حاجِزِينَ صفة لأحَد في موضع الجمع، والحِجَاز حبل يشدّ من حقو البعير إلى رُسغه، وتُصوِّر منه معنى الجمع، فقيل: احتجز فلان عن كذا واحتجز بإزاره، ومنه: حُجْزَة السراويل، وقيل: إن أردتم المحاجزة فقبل المناجزة، أي: الممانعة قبل المُحاربة، وقيل: حَجَازيك، أي: احجز بينهم.

حَدَّ

الحَدّ: الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر، يقال: حَدَدْتُ كذا: جعلتُ له حدّا يُميّز، وحَدُّ الدار: ما تتميز به عن غيرها، وحَدُّ الشيء: الوصفُ المحيط بمعناه المُميِّز له عن غيره، وحَدُّ الزنا والخمر سمّي به لكونه مانعًا لمتعاطيه من معاودة مِثله، ومانعًا لغيره أن يسلك مسلَكَه، قال الله تعالى: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ) الطلاق: ١، وقال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها) البقرة: ٢٢٩، وقال: (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ) التوبة: ٩٧، أي: أحكامه، وقيل: حقائق معانيه، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)

المجادلة: ٥، أي: يمانعون، فذلك إمّا اعتبارًا بالممانعة وإمّا باستعمال الحديد. والحديد معروف، قال عزّ وجل: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) الحديد: ٢٥، وحَدَّدْتُ السكّين: رقّقتُ حدّه، وأَحْدَدْتُهُ:جعلتُ له حَدًّا، ثم يُقال لكلّ ما دقّ في نفسه من حيث الخلقة أو من حيث المعنى كالبصر والبصيرة حَدِيد، فيقالُ: هو حديدُ النظر، وحديد الفهم، قال عزّ وجل: (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ق: ٢٢، ويقال: لسان حديد، نحو: لسان صارم، وماضٍ، وذلك إذا كان يؤثّر تأثير الحديد، قال تعالى: (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) الأحزاب: ١٩، ولتصوّر المنع سمّي البوّابُ حَدَّادًا، وقيل: رجل محدود: ممنوع الرزق والحظّ.

حَدَبَ

يجوز أن يكونَ الأصلُ في الحَدَبِ حدب الظهر، يقال: حَدِبَ الرجلُ حَدَبًا، فهو أَحْدَب، واحدَوْدَبَ. وناقة حدباء تشبيهًا بالأحْدَب، ثم شبّه به ما ارتفع من ظهر الأرض، فسمّي حَدَبًا، قال تعالى: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) الأنبياء: ٩٦.

الأمثال في القرآن

 قال الله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النور: 35.

أي اللهُ نورُ السموات والأرض يدبر الأمر فيهما ويهدي أهلهما، فهو- سبحانه- نور، وحجابه نور، به استنارت السموات والأرض وما فيهما، وكتاب الله وهدايته نور منه سبحانه، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات بعضها فوق بعض. مثل نوره الذي يهدي إليه -وهو الإيمان والقرآن- في قلب المؤمن كمشكاة، وهي الكوة في الحائط غير نافذةٍ، فيها مصباح، حيث تجمع الكوة نور المصباح فلا يتفرق، وذلك المصباح في زجاجة، كأنها -لصفائها- كوكب مضيء كالدر، يوقد المصباح من زيت شجرة مباركة، وهي شجرة الزيتون، لا شرقية فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، ولا غربية فقط فلا تصيبها الشمس أول النهار، بل هي متوسطة في مكان من الأرض لا إلى الشرق ولا إلى الغرب، يكاد زيتُها -لصفائه- يضيء من نفسه قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار أضاء إضاءة بليغة، نور على نور، فهو نور من إشراق الزيت على نور من إشعال النار، فذلك مثل الهدى يضيء في قلب المؤمن. والله يهدي ويوفق لاتّباع القرآن من يشاء، ويضرب الأمثال للناس؛ ليعقلوا عنه أمثاله وحكمه، والله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء.

ووجهُ هذا المثل الذي ضربه الله، وتطبيقه على حالة المؤمن، ونور الله في قلبه، أن فطرته التي فطر عليها، بمنزلة الزيت الصافي، ففطرته صافية، مستعدة للتعاليم الإلهية، والعمل المشروع، فإذا وصل إليه العلم والإيمان، اشتعل ذلك النور في قلبه، بمنزلة اشتعال النار في فتيلة ذلك المصباح، وهو صافي القلب من سوء القصد، وسوء الفهم عن الله، إذا وصل إليه الإيمان، أضاء إضاءة عظيمة، لصفائه من الكدورات، وذلك بمنزلة صفاء الزجاجة الدُّرية، فيجتمع له نور الفطرة، ونور الإيمان، ونور العلم، وصفاء المعرفة.