بقلم/ علياء محمد حبيب الله
لطالما علمنا أن الحب هو الأمان، وأن المحب الراغب لسمو الود لن يجعلك تستوحش أو تتأذى، كما أن المحب مخلصٌ في الخصام والغضب قبل الصلح والوفاق، وإن كل المنعطفات والمطبات التي تعترض المحبين تنتهي عند نهر المحبة يرتوون ويغتسلون فيه فيصفو كل ما اعتراهم، الحب يشفي سوء التفاهم ويوصل حبال التناغم، بل ينبغي للحب أن يغفر الزلات ويقيل العثرات ويتغلب على نزغات الشيطان.
إذا فهمنا حقيقة الحب سنعلم أنه هبة من الله، فلا ينبغي أن تشوبه عشوائية أو سطحية، فهو بينك وبين ابنك لترحمه، وبينك وبين والدك لتبره، وبين الزوجين ليحنو كل منهما على الآخر، فمن المعيب أن نفرط في نعم الله وأرزاقه بالطغيان فيها، أو أن نألفها فننسى أن نسقيها من مياه العطف. كيف للمحب أن يؤذي من يحب ولا يبالي؟ أو قد تهيئ له نفسه أنه لا بد من الغلظة.
إياك أن تستعمل التربيةَ في الحب، فالحب هو المربي إذا أحسنت سياسته، فهو يؤدب بالرعاية ويهذب بالعناية ويقوم بالعطاء، فلا يدعي أحدكم محبة وهو يقسو ويجفو على من يحب، لا تقل إنك محب ثم تدمي وتحرج وتسوف قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ). رواه مسلم. أرجوك ترفق بمن تحب وتودد إليه في النصح أو الزجر، في الصفاء أو الكدر، فكل الأساليب قابلة للخضوع تحت سياسة الحب، يمكنك أن تغضب أو حتى تغادر وتضجر ولكن بحب، فلا ينبغي لمسلم أن يفجر في الخصومة أو يظلم في الغضب. أخبر من تحب بحبك له، فالحب القويم السليم الصادق قادر على تسوية جميع العلاقات الإنسانية قال صلى الله عليه وسلم:
(إذا أحبَّ أحدُكم أخاه في الله فلْيُعلِمْهُ، فإنَّهُ أبْقَى في الأُلْفةِ، وأثْبَتُ في المَوَدَّةِ) صحيح الجامع.
الحب من الإسلام، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فلا ينطق بأذى ولا يبطش بوجع.
أيقظ سلوك الحب فيك، حتى لا يأتي يوم ترجو فيه عودة من تحب ثم لا تجد لبركان الحب المتفجر فيك منفذًا.