جولة استطلاعية في ساحة العقود القطرية
بقلم/المحامي/ فيصل علي سليمان الدابي
إذا قمنا بجولة سريعة في ساحة القانون المدني القطري، فسوف نكتشف الآتي:
عقود كامل الأهلية: أي عقد بيع لمبيع مباح قانونًا يُعقد بين مشترٍ وبائع راشدين يبلغ كل منهما 18 سنة وتخلو إرادتهما من عيوب الإكراه والغلط والتدليس يُعتبر صحيحًا، علمًا بأن المبيع إذا كان ممنوعًا قانونًا كمخدر الحشيش مثلًا فإن البيع ينتفي ويتحول فورًا إلى جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون الجنائي بأشد عقوبات السجن والغرامة، من حسن حظ الجميع أن أغلب العقود صحيحة، فمثلًا هنا في مدينة الدوحة تُعقد يوميًا ملايين العقود الصحيحة، كعقود بيع السلع الاستهلاكية المختلفة وهي تنقل ملكية المبيع للمشتري وتنقل الثمن للبائع بشكل فوري، علمًا بأن الملكية والثمن في عقود بيع السيارات والعقارات مثلًا لا ينتقلان إلا بعقود مسجلة بشكل رسمي لدى الجهات المختصة، وهذا الإجراء هو عين العقل وهو مطلوب لضمان استقرار المعاملات وإذا حاول المشتري أو البائع التنصل من التزامه يُقال له: (على نفسها جنت براقش)!!
عقود ناقص الأهلية: أي عقد بيع لمبيع مباح قانونًا يُعقد بين مشترٍ مميز بلغ سن السابعة ولم يبلغ سن الثامنة عشرة أو مشترٍ راشد لكنه سفيه محجور عليه بسبب التبذير أو مشترٍ راشد ذي غفلة محجور عليه بسبب انخداعه بسهولة في المعاملات المالية من جهة وبائع راشد من جهة أخرى، يُعتبر صحيحًا إذا كان نافعًا نفعًا محضًا للمشتري، ويُعتبر باطلًا إذا كان ضارًا ضررًا محضًا بالمشتري، ويُعتبر قابلًا للإبطال لمصلحة المشتري إذا كان دائرًا بين النفع والضرر، وهذا الإجراء هو عين المنطق لأن هذه الفئات الضعيفة من المشترين تحتاج إلى حماية متدرجة فلا عقد بيع بين طفل مميز وبائع راشد إذا كان العقد ضارًا ضررًا محضًا بالصغير المميز، وعندها يُقال للبائع: (ذنبك على جنبك)!!
عقود فاقد الأهلية: أي عقد بيع لمبيع مباح قانونًا يُعقد بين مشترٍ عديم التمييز لم يبلغ سنه سبع سنوات أو مجنون محجور عليه أو معتوه محجور عليه من جهة وبائع راشد من جهة أخرى، يُعتبر باطلًا ولا ينقل ملكية المبيع للمشتري ولا ينقل الثمن للبائع، وهذا الإجراء هو عين الصواب لأن هذه الفئات غير المميزة من المشترين تحتاج إلى حماية قانونية مطلقة في كل الأحوال، فمثلًا لا عقد بيع بين مشترٍ مجنون وبائع عاقل، وعندها يُقال للبائع: (وقعت يا فصيح فلا تصيح)!!