الدوحة -حسين أبو ندا :
رصدت الراية إنشاء أول غابة حضرية في الدوحة، تقع تحديدًا في مِنطقة غرافة الريان، وتضم آلاف الأشجار التي تتلاءم مع البيئة القطريّة، حيث تهدفُ إلى دمج الطبيعة مع المدينة، لتقديم مجموعةٍ من الفوائد البيئية والاجتماعيّة للسكان، حيث تعرف الغابات الحضرية بأنها مناطق مزروعة بالأشجار داخل أو حول المناطق السكنيّة والمناطق المُحيطة بها. يأتي إنشاء أول غابة حضرية في الدوحة ضمن مُبادرة «حديقة ونبات» التي أطلقتها مؤسسة قطر قبل عدة سنوات، بهدف تحويل ساحات المدينة التعليميّة إلى ساحات خضراء بالإضافة إلى إشراك جميع أفراد المُجتمع إلى جانب مُجتمع المدينة التعليمية، لتبني المُمارسات المستدامة من خلال غرس الأشجار وتحويل المناطق الخالية إلى مناطق مظللة للمشاة، كما تتوافق هذه الأهدافُ مع مفهوم التنمية البيئيّة، وهي الركيزة الرابعة لرؤية قطر الوطنيّة 2030، حيث تعمل الدولةُ على حماية البيئة وتوازنها الطبيعي لتحقيق التنمية الشاملة المُستدامة لكل الأجيال، وإدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة وحماية البيئة.
تكمن أهمية الغابة الحضرية التي تمَّ إنشاؤها في الأرض الفضاء الواقعة خلف مبنى معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة في زيادة المساحات الخضراء في قطر وتعزيز الاستدامة من خلال استغلال مياه الأمطار والمياه المُعالجة لرّيها، فضلًا عن دورها الرئيسي في تحسين جمالية المناطق السكنية، كما ستعمل الغابة الواسعة، التي تمَّ تنفيذها لأول مرة في الدوحة، على زيادة الغطاء النباتي والرقعة الخضراء، فعند اكتمال أعمال التشجير وتخضير المِنطقة، ستتحوّل الأرض الفضاء إلى ما يشبه الغابة.
مدن مُستدامة
وتُعدّ الغابات الحضرية جزءًا مُهمًا من تصميم المدن المستدامة، حيث تعمل على إنتاج الأكسجين وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة، وهذا ما يُساعد بشكل كبير في تقليص الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الهواء، حيث تعمل الأشجار على امتصاص الملوثات الهوائية بصورة كبيرة، لتساهم بشكل مباشر في رفع مستوى جودة الحياة للأفراد وتقليل التأثيرات البيئية السلبية، كما تُساهم الغابات الحضرية في خفض درجات الحرارة وزيادة التنوّع البيولوجي، بفضل توفير بيئة خصبة لجذب الكائنات الحية والطيور للعيش بها، كما تساهم الغابات في تحسين الصحة النفسية للسكان، حيث توفر لهم مساحات خضراء تساعد في تقليل التوتر وزيادة الرفاهية النفسية.
رعاية دائمة
راعى القائمون على مشروع الغابة الحضرية اختيار أنواع مختلفة من الأشجار التي تتلاءم مع البيئة المحلية والمناخ، حيث تجمع الغابة أعدادًا كبيرةً من الأشجار الخضراء التي تمتد على مد النظر، كما يُلاحظ أن الجهة المعنية حريصة على تقديم العناية المستمرة لهذه الأشجار، من خلال إنشاء شبكة ري لتسهيل ريها بالشكل الصحيح، والقيام بأعمال تشذيب منتظم للأشجار والنباتات للحفاظ على شكلها الجمالي، كما تتضمن ممرات لتسهيل تنقل الأفراد والسيارات.
لمشروع الغابات الحضرية أبعاد بيئيّة؛ نظرًا لكونها مصدرًا أساسيًا لفلترة الهواء وإزالة العوالق الضارة منه والتقليل من تلوث الجو، فضلًا عن إنتاج الأكسجين والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، كما تعتبر الغابات كذلك مصدرًا هامًا من مصادر الطاقة المُتجدّدة في الطبيعة وتساهم في اعتدال المُناخ، وتقليل ارتفاع درجات الحرارة، وتؤدي الغابات الحضرية أيضًا دورًا هامًا في دراسة العَلاقة بين البيئة والمناطق السكنية، فهي تُساهم في تنقية الهواء وتؤمن بيئةً معيشيةً للحيوانات والكائنات الحية، فضلًا عن أنها مكان مُميز للاستجمام، بالإضافة إلى دورها الرئيسي في خفض حرارة المناطق الحارة.