المنبر الحر

نبت طفيلي على شطآن الإعلام

بقلم /عماد حفني

 

جَلا جَلا .. جَلا جَلا .. الدنيا صارتْ برْجَلة.. اصْحى وصَحصَح يا ولة ليغفلوك أو يخدعوك، ويلبسوك المسألة! دجاجلةٌ على أبواب السوشيال ميديا، يَخرجون مثل نبتٍ طفيليٍ على شطآن الإعلام وضفافِ الكذِب المُنمَّق، ليقنعوكَ بأنَّ صحيحَ البخاريِّ ضعيفٌ، وأنَّ الإنسانَ أصلُه خُنفُساء -أو قِرد لا فرق- وأنَّ عمرَ بنَ الخطابِ وَأَدَ ابنتَه، وأنَّ الصِدِّيقةَ بنتَ الصِدِّيق «التي برَّأها اللهُ من فوق سبعِ سماوات» أصابت -حاشاها- ما قالوهُ من الإفْك، وأنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم أسرِيَ بروحِهِ لا بجسدِه، وأنَّ المِعراجَ كانَ منامًا! وأنَّ الحجابَ ليسَ فرضًا إنما هو عادةٌ يهوديَّة! وأنَّ الفِلسطينيِّين باعوا أرضَهُم لليهود، وأنَّ الأرضَ ليست كُرويَّة بل مُسطَّحة، بَعدَ أنْ دُرْنا حولَها بالطائرات وصوَّرناها بالأقمار الاصطناعيَّة،

والكثيرَ من التُّرَّهاتِ التي يَخدعونَ بها العوامَّ وأنصافَ المُتعلمين، فالتُّربةُ الفارغةُ من الدّين والعلمِ والإيمانِ والثقةِ باللهِ، مُهيَّأةٌ في كلِّ وقتٍ لقَبولِ ما يُزرعُ فيها مِن نباتاتِ الشَّكِ، وأزاهيرِ الخديعةِ، لدى أمةٍ لا تقرأُ تاريخَها ولا تفقَهُ دينَها، ويُسوِّقونَ هذا الدَّجلَ على ألسنةِ أناسٍ يَلبَسونَ مُسوكَ العارفينَ المُمسِكين بدفَةِ العُلوم، وهُمْ أجهلُ مِنَ الحِمار، يَتَسَمَّون بأسماءٍ عربيةٍ كأحمدَ وإسلام وإبراهيم وعيسى، ويوسف! ولا يحملونَ للدّينِ إلا كلَّ حقدٍ دفينٍ ومكرٍ سَيّئٍ، فقلوبهم قلوبُ ذئاب، وإلههم هو المال، وقِبلتهم الشهرةُ المزيفة، وبصراحة.. عندما وجدتُ الناسَ يلتفُّون حول هذه الآراء العَفِنة، تمَثلتُ قولَ أبي العَتاهية:

       ولمَّا رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشيًا
تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهلُ

واقترحتُ على بعض أصحابنا أن ننشئ مركزًا للتنوير والتطوير والتمويه، لنُثبتَ للناس أنَّ الأرضَ ليست كُرويةً ولا مُسطحةً، بل هي مثل السمبوسة. قارئي العزيز .. ثِق في إلهِكَ الواحدِ ودينِك الخاتم ونبيِّك الأمين، وكن مثل أبي بكر رضي الله عنه لمَّا أُسرِيَ بالنبيِّ إلى المسجدِ الأقْصى، أصبح يتحدَّثُ الناسُ بذلك، فقالوا له: هل لك إلى صاحبِك، يزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كانَ قالَ ذلكَ لقد صدَقَ، قالوا: أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ وجاءَ قبل أن يُصبِحَ؟ قال: نعم إني لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ في غُدُوِّه أو رَوْحِه.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X