بقلم/ رندة تقي الدين:

 هل تنوي إسرائيل الاستمرار في الحروب ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني؟ وهل تخطط لضم الضفة وتوسيع الحرب على مناطق جديدة قد تكون بيروت وعمان؟ ماذا تريد إسرائيل بعد القتل والمجازر ضد النساء والأطفال؟

صحيفة هآرتس العبرية تصف الحرب الإسرائيلية في غزة بأنها القاتلة الأكثر شدة من جميع الحروب منذ مطلع القرن. فحسب الإحصاءات التي جمعتها الصحيفة المبنية على تقارير مستقلة فإن الحرب في غزة أسفرت عن ٤٠٠٠ شهيد شهريًا. وتقول الصحيفة «إن مساحة القطاع ٣٦٠ كيلومترًا مربعًا والقصف والقتل في كل أنحاء القطاع وتوجيه الغزاويين إلى مناطق أشارت إليها القوات الإسرائيلية بأنها آمنة لم تكن كذلك وقتل كثيرون فيها. إضافة إلى أن الظروف الإنسانية فيها بالغة الصعوبة إذ إن اللاجئين إليها يعانون من الأمراض والنقص في الأدوية والعلاج واكتظاظ اللاجئين». لكن هذه الحقائق الأليمة التي تصورها بصدق الصحيفة الإسرائيلية والتي تنقل كل لحظة منها بشكل مستمر ومؤلم على شاشات الجزيرة العربية والإنجليزية تبدو أنها لا تؤثر بالمجتمع الإسرائيلي إجمالًا. صحيح أن المتطرفين هم بن غفير وسموريتش وبنيامين نتنياهو ولكن الإسرائيليين عمومًا يبدو أنهم غير منزعجين مما يجري في غزة من قتل للأطفال والنساء. فهناك أقلية تطالب بالإفراج عن رهائنها لدى حماس ولكن غابت أي مظاهرات مطالبة بوقف الحرب. المأساة الأخرى أن القوات الإسرائيلية تشعل الضفة، فهي لا تكتفي بدعم المستوطنين بل تقوم بالقتل أيضًا. إن إسرائيل تريد عزل الشعب الفلسطيني من كل أراضيه وربما تتمنى أن تدفع الفلسطينيين إلى الأردن. جوزف بوريل المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يطرح موضوع فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموريتش وقد لا ينجح في غياب الانقسام السائد في الاتحاد الأوروبي. قالت الخارجية الألمانية إنها قلقة للغاية من الوضع في الضفة وإن إسرائيل قوة احتلال، وأنها ملزمة بحفظ السلام. لكن هل يا ترى ستوافق ألمانيا على خطوة بوريل بفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين؟ من المستبعد أن تؤيد ألمانيا ذلك. إشعال إسرائيل الأوضاع في الضفة ليس جديدًا فهي مستمرة منذ سنوات وقبل ٧ أكتوبر بإشعال الأوضاع فيها من اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المسلحين من السلطات الإسرائيلية.

3 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية تحت الاحتلال منذ ٧ أكتوبر وقد استشهد ٦٠٠ من سكان الضفة إما بقصف القوات الإسرائيلية أو على يد المستوطنين المدعومين من الجيش الإسرائيلي. والوزير بن غفير يدافع بقوة عن المستوطنين رافضًا محاكمة أي منهم، وهو ليس وحده يدافع عن المستوطنين إذ إن الحكومة الإسرائيلية تدعي أنه ليست هناك مستوطنات.

إذا لم تستجب إسرائيل لجهود وساطة قطر ومصر والولايات المتحدة لتوقف الحرب على غزة فهذا يعني أنها تنوي الاستمرار في الحروب بالمنطقة وأملها انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة ليساعدها على تنفيذ مأربها وهو دفع سكان غزة إلى مصر وفلسطينيي الضفة إلى الأردن وتوسيع الحرب إلى لبنان لتدميره والاستمرار في الهجوم على دمشق. مدن غزة ومخيماتها مدمرة وسكانها ينتظرون حلًا لحرب أنهكتهم وهم يتطلعون إلى المفاوضات القائمة حاليًا في كل من مصر والدوحة ولكن المفاوضين الإسرائيليين غير مستعجلين فرئيس حكومتهم ينتظر نتائج الانتخابات الأمريكية ولا يبالي إذا كان رقم الشهداء الغزاويين بلغ ٤٠٠٠٠ فهو مستمر، فإسرائيل ستبقى المعطل للحل لأنها لن تعيش وتستمر إلا بالقوة والتدمير.

صحفية لبنانية

[email protected]