همسات قانونية.. جريمة القذف
تُعرف جريمة القذف بأنها كل من أسند إلى غيره واقعة تُوجِب عقابه قانونًا أو تمسّ شرفه أو كرامته أو تُعرّضه لبُغض الناس واحتقارهم له، ويتكوّن الركن المادي لهذه الجريمة من فعل إسناد، ويُشترط أن يتم الإسناد في صورة علانية، ويُقصد بالإسناد أن يُنسَبَ إلى المجني عليه أمر شائن، وقد يكون هذا الأمر الشائن سلوكًا يُجرّمه القانون مثل السرقة، وقد ينال من سمعة ومكانة المجني عليه أو يُؤدّي إلى أنْ يبغضه الناس ويُحقروه، وهذا الإسناد قد يكون صريحًا واضحًا أو تلميحًا.
وأهم ما يُميّز جريمة القذف عن جريمة السب، هو موضوع الإسناد، حيث يجب أن يكونَ موضوع الإسناد في جريمة القذف متضمنًا لواقعةٍ معينةٍ لو صحت لتوجب عقاب المجني عليه أو احتقاره من أهل وطنه، حيث يُعتبر مُرتكبًا لجريمة قذف من يقول لآخر إنه هو من سرق مال شخص ثالث، أمَّا جريمة السب فلا يُشترط أن يكون موضوع الإسناد مُحددًا، حيث يُعتبر مُرتكبًا لجريمة سب من يقول لآخر إنه لص أو مختلس، ويجب أن يكونَ المجني عليه مُعينًا، أو على الأقل يُمكن تعيينه، ويكون المجني عليه مُعينًا، كما لو ذكر الجاني اسم المجني عليه، ويكفي أنه يمكن تعيين شخص المجني عليه، كما لو استخدم الجاني عبارات أو إشارات، أو ذكر بعضًا من حروف الاسم أو ذكر الكُنية الخاصّة بالمجني عليه.
ويكون فعل الإسناد قد تم في علانيةٍ متى استخدم الجاني إحدى الصور التي نصَّ عليها المُشرّع بالمادة السادسة من قانون العقوبات رقْم 11 لسنة 2004، التي تتمثل في القول أو الصياح، وهو كل ما يَصدر من فَم الإنسان من ألفاظٍ ذات دلالة على معنى مُعين، وتتحقق أيضًا بالفعل أو الإيماء، والفعلُ هو كل حركة عضوية إرادية من جسم الإنسان، والإيماء هو التعبير عن الفكر بطريقةٍ غير مباشرةٍ باستخدام أعضاء الجسد، وتتحقق العلانية بالكتابة أو الرسوم أو الصور، وغيرها من صور التعبير الأخرى، وهو كل مُدوّن بلغةٍ مفهومة، وبغض النظر عن طبيعة هذا التدوين، وتتحقق العلانية حتى لو تمت الاستعانة بالغير لفَهم المقصود مما تمَّ تدوينه.
وقد يقع فِعل الإسناد بشكل إلكتروني، إذا استخدم الجاني وسيلةً من وسائل التواصل الاجتماعي، مثل غُرف الدردشة أو البريد الإلكتروني، ويتحقق الإسناد عن طريق رسالة أو صورة أو رمز أو كاريكاتير أو الرسوم أو الشارات الحركية، وقد يكون بواسطة الصوت عن طريق إرسال الرسائل الصوتيّة التي تحتوي على عبارات القذف، ويستوي أن تكون اللغة المُستخدمة هي اللغة العربية أو لغة أجنبية أخرى، ونُلاحظ أن المُشرّع لم يشترط العلانية في جريمة القذف الإلكتروني، حيث تتحقق الجريمة حتى لو تمَّ القذف عن طريق غُرفة دردشة خاصة، كما لو تمَّ عن طريق رسالة على «الواتس آب».