الخرطوم- وكالات:
يواجه ملايين السودانيين خطر الإصابة بأمراض معدية «غريبة» انتشرت في عدد من الولايات بعد الفيضانات المدمرة التي اجتاحت البلاد خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وسط انهيار شبه كامل للقطاع الصحي بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 500 يوم. وتتزايد المخاوف من تعرض المزيد من السكان للأمراض التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة في ظل النقص الحاد في المستشفيات والأدوية وخدمات الرعاية الصحية. ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، خرجت أكثر من 80 في المئة من مؤسسات القطاع الصحي عن الخدمة. وحذرت منظمة الصحة العالمية، وخبراء في القطاعين الصحي والبيئي من تفاقم الأوضاع بسبب الانهيار الكبير في القطاع الصحي، والتداعيات الصحية الكارثية للسيول والفيضانات التي اجتاحت عددًا من ولايات السودان خلال الأسابيع الثلاثة الماضية والتي أدت إلى تفشي الأمراض. وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في تغريدة على منصة «X»: مع تجاوز القتال في السودان 500 يوم، تغلق المستشفيات أبوابها، والإمدادات المنقذة للحياة تنفد. في حين أكدت وزارة الصحة في الولاية الشمالية تسجيل 260 حالة من «التهاب جلدي» سريع العدوى، رصدت مصادر طبية أكثر من 1500 حالة من التهابات خطيرة تصيب العين في عدد من مدن وقرى ولايات الشمالية ونهر النيل شمال العاصمة الخرطوم. وإضافة إلى التهابات الجلد والعين، شهدت الفترة الأخيرة انتشارًا كبيرًا للكثير من الأمراض الوبائية مثل الكوليرا والإسهالات المائية والملاريا و»التيفويد»، والحميات النزفية وغيرها من الأمراض المصاحبة لموسم الأمطار. وتشير أديبة السيد استشارية الأمراض الوبائية إلى أن التهابات العيون والأنسجة الجلدية التي ظهرت خلال الفترة الأخيرة، تنجم عن بكتريا حادة. تنتشر عند تلوث البيئة والمياه، وحذرت من سرعة انتشار هذه الأمراض المعدية، وأوضحت لموقع سكاي نيوز عربية «تكدس المرضى في أماكن النزوح ومراكز الإيواء وتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض مثل الذباب والبعوض، إضافة إلى تدهور الأوضاع الغذائية كلها أسباب تساعد على انتشار العدوى».
أسباب بيئية
يعزي خبراءٌ انتشار الأمراض المعدية في عدد من مناطق السودان إلى التدهور المريع في الأوضاع البيئية خصوصًا في مناطق التعدين بشمال البلاد. وتحدثت تقارير عن جرف مياه السيول لكميات ضخمة من مخلفات الذهب المخزنة في مزارع ومنازل ومدارس، وفي العديد من المواقع المحيطة بالمنطقة. واعتبر اختصاصي شؤون البيئة مصعب برير أن أحد أهم أسباب التدهور البيئي يعود إلى عدم وضع خطة تكيف مناسبة لمواجهة التحديات الحتمية للتغير المناخي ببعض ولايات السودان، لا سيما تلك التي تواجه مخاطر جدية بفعل التغير الحاد في أنماط هطول الأمطار وبالتالي السيول والفيضانات المدمرة. ويقول برير إن مناطق الهشاشة البيئية تتعرض لتحولات خطيرة بفعل التغير المناخي مما يجعلها غير قادرة على الصمود أمام أي تحول للمناخ المطير والسيول والفيضانات المصاحبة له.