عن شيء ما .. فك رموز المشاعر السلبية
كل لحظة في حياتنا ترتبط بشعور معيَّن، وقد نجد صعوبة في فك رموز مشاعرنا، كما أن الأزمات والضغوطات اليومية التي نعيشها إضافة إلى مشاعر القلق والخوف والكآبة تثقل كاهلنا بطاقةٍ سلبيةٍ تتسلل إلى أرواحنا ثم إلى أجسادنا، لذا أصبح من المعروف أن المشاعر السلبيّة ليست مجرّد أفكار تجول في أذهاننا، بل هي طاقة تتراكم في أجسادنا، مسببّةً توترات وآلامًا جسديةً لا يمكن تجاهلها.
والحقيقة أن مفهوم تخرين المشاعر السلبية في الجسد له تاريخ فقد كان معروفًا في الحضارات القديمة، خصوصًا الطبّ الصينيّ التقليديّ. أمّا في وقتنا الحالي فيطرحه علم النفس الحديث، بما هو معروف باسم (الطبّ النفس جسدي) .
وفي حين يؤكد الطب الصينيّ القديم أن مشاعر الغضب تتخزّن في الكبد، ومشاعر الحزن في الرئتين، ومشاعر الفرح في القلب، ومشاعر القلق في الطحال مثلًا، فإن علم النفس الحديث، لم يتحدث عن مكان معيّن في الجسد قد تتخزّن فيه المشاعر، إنما تمّ التحدّث عن العلاقة بين الصحة النفسية والصحة الجسدية فقط.
إلا أن هناك ثلاث علامات أساسية تشير إلى تخزين الجسد للمشاعر السلبية منها علامات جسدية وأخرى علامات عاطفية مثل: تقلّب المزاج وعدم التركيز- وسلوكية -مثل الإفراط في التدخين وشرب الكحول والانفعال المبالغ فيه.
في دراسة أجريت عام 2014 بواسطة جليريان وزملائه، وجدوا 13 عاطفة تتجلى في الجسد: السعادة، والغضب، والخوف، والاشمئزاز، والحزن والمفاجأة والقلق والحب والاكتئاب والازدراء والفخر والعار والحسد. واستطاعت الدراسة أن تربط أجزاء الجسم المعنية التي تنشطها هذه المشاعر أو لا تحفزها.
- لكن ما هي أهم الأسباب وأكثرها خطورة؟
تبدو المخاوف الوجودية في مقدمة أسباب اضطرابات القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والهلع والوسواس القهري، ويرتبطُ على الأخص باضطراب القلق العام، أي القلق المتكرر بلا سبب مع عجزٍ عن السيطرة عليه أو إيجاد منطقٍ يبرره،
ثم هناك الصدمات العاطفية التي تقتل الروح وتطفئها إلى أن تصل لما يسمى بالوفاة النفسية!
وهي المرحلة الأخيرة من «الاستسلام» للموت الحقيقي، والشخص الذي يعاني من «الوفاة النفسية» هو إنسان خسر تمامًا إرادة العيش، وقد يكون ذلك نتيجة الصدمات النفسية والعاطفية التي تفوق قدرته على الاحتمال.
إن تخزين الجسد للمشاعر السلبية أمر في غاية الخطورة، فالمشاعر السلبية إن لم تخلص جسدك منها ستظل حبيسة في عقلك اللاواعي، وتعيش في خلايا جسدك، صامدة ومنتظرة أن تعيد التفكير فيها وتعبر عنها، وعندما لا تفعل على مر السنين، تقرر هي أن تواجهك وتعبر عن نفسها بأن تسبب لك الآلام والأمراض.
فضفض، تأمَّل، ارسم، اكتُب، سامح، الجأ إلى الله، لا تتجاهل مشاعرك أو تتناساها دون فهمها والتعبير عنها، اكتبها بدل أن تكبتها، بل ارسمها أو اعزفها أو حولها إلى ما شئت من الإبداع.