إسرائيل وتعمد استمرار القتل في غزة
بقلم/ رندة تقي الدين:
أظهر المؤتمر الصحفي للحكومة الإسرائيلية أنها لا تؤمن إلا بالقتال كحل لحرب غزة وأيضًا لرهائنها. إن من يقود حربًا تؤدي إلى أكثر من ٤٠٠٠٠ قتيل فلسطيني في غزة مشجعًا المستوطنين في كل أنحاء الضفة إلى قتل الفلسطينيين لن تهمه حياة رهائنه. فرغم دعوات رئيس الشين بيت والموساد والوزير بني غانز لإسرائيل بوقف إطلاق النار إلا أن نتنياهو لا يريد تسليم ممر فيلادلفيا بين إسرائيل ومصر إلى الفلسطينيين، وبالتالي استمرار القتل وانتظار ترامب في أمريكا لمساعدة الاحتلال على ضم الضفة والسيطرة على فيلادلفيا وربما البقاء إلى الأبد في غزة. فمهما تظاهر أهل الرهائن في إسرائيل مطالبين بالحل للإفراج عن أقاربهم لن تسمع حكومة الاحتلال الإسرائيلي لهم، فمن يشن حربًا خلال أحد عشر شهرًا على الشعب الفلسطيني ويقوم بمجازر ويخفي للعالم بأسره ما يقوم به عبر منع الصحفيين الأجانب من دخول غزة لا يبالي برهائن شعبه.
من يحوّل الضفة الغربية إلى مكان قتل واستهداف الأطفال الفلسطينيين هو في ذهنه التخلص من الشعب الفلسطيني ومن صغاره كي لا يكونوا جيل المستقبل الفلسطيني الذي سينتقم من وحشية إسرائيل. وتدمير منازل المواطنين في غزة والآن في الضفة. من الملفت أن عائلات الرهائن الأمريكيين في غزة طالبت الرئيس الأمريكي بايدن بعقد صفقة مع حماس مستثنيًا مشاركة إسرائيل فيها بسبب تعطيلها للمفاوضات. فالكل يعرف أن الحكومة الإسرائيلية هي العائق المعطل، والرئيس بايدن يقول إنه يمارس ضغطًا عليها، لكن يبدو أن الضغط ليس بالقوة المطلوبة لأن إسرائيل مستمرة في نهجها.
إن ما يحصل في الضفة ليس جديدًا وقد تفاقم منذ بدء الحرب على غزة حيث تتعرض ساحات جنين وطولكرم باستمرار لقتال وقصف من القوات الإسرائيلية.
الحكومة الإسرائيلية تريد منذ بداية الحرب أن يزيد قمع الفلسطينيين في الضفة لمنعهم من مساندة أهاليهم وأشقائهم في غزة. مسيرة أهالي الرهائن الإسرائيليين لا تؤثر في الحكومة الإسرائيلية إذ إنها تتعارض مع مصلحتها وهي البقاء في حرب دائمة وإبعاد أي حل لدولة فلسطينية.
واقع الحال أن لا أحد من المسؤولين الإسرائيليين يريد دولة فلسطينية والكنيست رفض ذلك بالإجماع. رؤية الحكومة الإسرائيلية تجعلها تردد أنه ليس هناك مستوطنون فهم سكان إسرائيل أينما كانوا. المأساة التي يواجهها الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة العربية المجاورة أنه ليس للحكومة الإسرائيلية بديل سياسي حاليًا، فالإدارة الأمريكية تعتبر جالانت وزير الدفاع بديلًا وهو يؤيد حاليًا تسليم ممر فيلادلفيا من أجل الرهائن لكن يبدو أن باقي المسؤولين بالحكومة الإسرائيلية أقوى منه سياسيًا على الساحة.
مواقف الحكومة الإسرائيلية المتشددة إزاء الحل ووقف إطلاق النار ستجعل الحرب تستمر دون أي حل لمأساة الشعب الفلسطيني الباسل. مقتل الرهائن أدى إلى تحريك مشاعر المسؤولين في الغرب لكن منذ ١١ شهرًا والقتلى من الفلسطينيين يسقطون على أيدي الجيش الإسرائيلي ولم تتم التعبئة الرسمية في الغرب كما حدث ذلك للرهائن الإسرائيليين. قتل المدنيين في الحروب جرائم ويجب أن تكون هناك مساواة في الإدانة ووقف كل الجرائم.
مستقبل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مع إسرائيل غير واعد بالنجاح في غياب ضغط أمريكي فعلي وقوي. بإمكان الرئيس بايدن معاقبة إسرائيل فعليًا خصوصًا أنه لن يترشح للرئاسة مرة أخرى، لكنه يريد حماية المرشحة للرئاسة نائبته كامالا هاريس من غضب اللوبي اليهودي خلال الحملة الانتخابية وتعرف إسرائيل ذلك فتماطل بأمل عودة ترامب للبيت الأبيض. استمرار الحرب إلى ما لا نهاية كارثة للجميع في غزة أولًا ثم في الأراضي الفلسطينية وفي لبنان والأردن. إنها مأساة شعوب لن ترتاح ولن تشهد انتعاش أراضيها طالما الحرب مشتعلة في المنطقة وعدد القتلى يزداد يومًا بعد يوم والغرب يبكي فقط على الرهائن وينسى عدد القتلى المتفاقم يوميًا والذي تعدى ال ٤٠٠٠٠ قتيل. فأهل هؤلاء مثل أهل الرهائن الإسرائيليين يسعون إلى حماية حياة من بقي لهم من أهل وأصدقاء لكن مع الحكومة الإسرائيلية الأمل ضئيل.
صحفية لبنانية