الباب المفتوح …. العراق وحاضنة الاقتصاد الخليجي
تعتبر التكتلات الاقتصادية أحد أهم عوامل النجاح الشمولي للدول، سواء كان اقتصاديًا أو سياسيًا، لذلك فإن من أهم مسببات نجاح التكتلات السياسية هو تبادل المصالح الاقتصادية ووجود تكامل تعاوني بين الدول، ولمّا كان العراق بلدًا ذا تنوع اقتصادي كبير، ويمتلك إمكانات هائلة للنمو والتطور، ويمكنه أن يصبح حاضنة متبادلة للاقتصاد الخليجي إذا استغل هذه الإمكانات بشكل فعال، ولتطبيق ذلك عمليًا يمكن القيام بعدة خطوات يمكن للعراق من خلالها أن يصبح حاضنة تبادلية للاقتصاد الخليجي بداية باستغلال الموارد الطبيعية، حيث يمتلك العراق موارد طبيعية هائلة، بما في ذلك النفط والغاز والمعادن، ويمكنه استغلال هذه الموارد لجذب الاستثمارات من دول الخليج لبناء حالة تعاون تكاملية تسمح بزيادة المساحة التفاوضية على المستوى العالمي سياسيًا واقتصاديًا في آن معًا، كما أن تنويع الاقتصاد الخليجي عمومًا يحتاج إلى تنويع اقتصاده بعيدًا عن «الريعية» الاعتماد على النفط والغاز، ويمكنه القيام بذلك من خلال التطوير المستمر والدوري والاستثنائي لقطاعات مثل الزراعة والصناعة والسياحة والتعليم والأسواق المالية والتجارة البينية والإعلام وغيرها.
وهنا يأتي مفصل مهم يربط هذا التطوير في القطاعات المتنوعة والإنفاق الحكومي والممول في تطوير البنية التحتية، فالعراق على وجه التحديد يحتاج إلى تطوير بنيته التحتية، بما في ذلك المطارات والموانئ والطرقات، لجذب الاستثمارات الأجنبية، وهذا يوجد مواسم استثمار مباشرة بطرق عدة للفوائض الاستثمارية الخليجية مع تحقيق عائد مجزٍ للاستثمار، كما أن تعزيز التعليم هو مفتاح التنمية الشمولية للمنطقة ككل، علمًا أن أحد أهم مقومات نجاح التجربة التعليمية هو تعميمها على المجتمعات وليس الانفراد بها، ويمكن للعراق تعزيز التعليم لزيادة كفاءة سوق العمل، فمع توفر القوى البشرية المؤهلة للعمل يصبح مفهوم التكامل الاقتصادي الاجتماعي واقعًا قابلًا للتطبيق يحقق مصالح مشتركة للجميع، ثم يأتي دور تحسين بيئة الأعمال عبر توحيد القوانين والأنظمة المالية الحاكمة والإجراءات والجمارك والنقل وحركة الأفراد والتدريب والتطوير للعاملين في القطاعين الخاص والعام، كذلك تعزيز التعاون مع دول الخليج حيث يمكن للعراق تعزيز التعاون مع دول الخليج لزيادة التجارة والاستثمارات إما كمستهلك كبير للسلع والخدمات كذلك وهذا سيضيف الكثير للدول المنتجة في المنطقة وأيضًا كمستهلك نهائي للتجارة الدولية التي تمر عبر دول الخليج، أيضًا بما يحقق مصلحة للجميع.
وحول استغلال الموقع الجغرافي فإن العراق يمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا، ويمكنه استغلال هذا الموقع لجذب الاستثمارات الخليجية وفتح باب الصناعات التي تحتاج إلى مصادر طاقة أقل كلفة وقوى عاملة مدربة وتكاليف تشغيل متوازنة، وذلك بحكم الجغرافيا الواسعة وسهولة إنشاء أو تفعيل البنى التحتية في العراق، وبالطبع لا نغفل تطوير قطاع السياحة فالعراق يمتلك تراثًا ثقافيًا وتاريخيًا غنيًا، يمكن أن يشكل خدمة سياحية مركبة لشركات السياحة في الخليج للسياح الداخليين من دول الخليج ولشركات السياحة التي تستقطب السياحة الأجنبية والتي تزيد قدرتها التنافسية مع زيادة المحطات السياحية في المنطقة والتي يمكن أن تقدم كمجموعة واحدة (جولات سياحية) وبالتأكيد تحسين المستوى الأمني في المنطقة هو مفتاح الاستثمار، للمنطقة ككل، وهذا يعيدنا إلى مقدمة الطرح وهي التكتلات الاقتصادية وأثرها على النفوذ السياسي ومساحة القدرة التفاوضية للكتل المتحالفة، وهنا نقصد بذلك التحالف متعدد الأوجه بين دول الخليج والعراق والأردن وغيرها من الدول التي يمكن أن تتقاطع بينها المصالح.