كتاب الراية

ضوء أخضر….. استراتيجية التعليم.. تحت التقييم «1»

تهدف هذه السلسلة من المقالات إلى استعراض أهم ملامح الخريطة الاستراتيجية لقطاع التعليم، بالتركيز في المرة الأولى على المعلم كونه يشكل المحور الذي تدور في فلكه عناصر ومكونات العملية التعليمية والتربوية الأخرى، مما يحتم على المعلمين أن يكونوا بمنزلة الآباء للطلاب، كونهم مؤتمنين عليهم تعليميًا وتربويًا، إلى جانب رصدهم لتقدم الطلاب من الناحية الأكاديمية والأخلاقية والسلوكية وتعزيز التواصل مع أسرهم، والارتقاء بجوانبهم الروحية والدينية، وصولًا لبناء الإنسان وفق منظومة قيمنا الأصيلة.

وفي هذا الإطار أكدت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزير التربية والتعليم في كلمتها بمناسبة تدشين الاستراتيجية الجديدة للوزارة «2024-2030» الأسبوع الماضي، على أن المعلم سيظل هو الركيزة الأساسية للنهوض بالعملية التربوية والتعليمية، لذلك استثمرت الوزارة في البرامج التدريبية النوعية المحلية والدولية، وعملت على تنويع مسارات الالتحاق بمهنة التعليم وتطوير مسارات الرخص المهنية.

وفي اعتقادي أن تحقيق هذه الاستراتيجية الجديدة لقطاع التعليم يتطلب جيلًا من المعلمين، قادرًا على الإسهام بفاعلية، في التطوير النوعي لأدوات التحصيل المعرفي لدى الطلاب بجميع المراحل، ولكي نتمكن من تحقيق الهدف المنشود، علينا إذن مواجهة التحديات التي تواجه المعلم، من خلال الارتقاء بالبيئة المدرسية، حتى تصبح مكانًا محفزًا لكل من المعلم والطالب، فهذا المحور غاية في الأهمية، وربما يتطلب جهودًا فكرية، وعقلية وتعليمية مبتكرة، بصورة تتماشى مع العصر التكنولوجي، خصوصًا أن طلابنا اليوم، أصبحوا أكثر انفتاحًا، على العالم الخارجي، في كيفية الحصول على معلوماتهم ونمط ثقافتهم.

ما نأمل فيه لا يتأتّى بالصدفة، إلا إذا توفرت للمعلمين بمدارسنا، الكفايات والكفاءات المهنية النوعية، والإلمام باستراتيجيات التدريس وطرائقه الحديثة، حتى تلبي مخرجاتنا التعليمية، متطلبات التنمية المستدامة في عالم تتجدد فيه المعارف، وتتغير فيه المهارات بمعدلات متسارعة، تتسابق فيما بينها بصورة مدهشة للغاية، لذلك فإن التقدم في التعليم بجميع مراحله، يتوقف إلى حد كبير على مؤهلات القائمين بالتدريس، وعلى قدراتهم ومهاراتهم، وعلى الصفات الإنسانية والقيادية والتربوية والمهنية لكل فرد منهم، مما يحتم على المعلمين في قطاع التعليم مواكبة هذه المتغيرات لتلبية متطلبات العصر المهنية سريعة التغير. ختامًا.. تجذبني التجربة اليابانية التي أوفت المعلم حقه كاملًا، وأذكر أنني قرأت ذات مرة ما نُقل على لسان إمبراطور اليابان، عندما سُئل عن أسباب تقدم دولته في هذا الوقت القصير، فأجاب: «بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير». رد موجز اختصر الكثير، وأطلق العنان للعديد من الدراسات والبحوث، نعم اليابان دولة اقتصادية من الدرجة الأولى، لكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه، لمجرد توفر المصانع ورؤوس الأموال والأسواق، دولة أدركت بعد ويلات الحروب، أن السبيل الوحيد للنهوض هو التعليم، وأن المعلم هو حجر الزاوية للمنظومة التعليمية.

والله ولي التوفيق ،،،

أستاذ الهيدروجيولوجيا

والبيئة بجامعة قطر

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X