لماذا؟ …. الطوفة الهبيطة
فاجأ طالب في الصف الرابع الابتدائي معلمتَه في حصّة اللغة العربية بسؤالها: ماذا تعني مقولة الطوفة الهبيطة، التي يسمعها باستمرار، انتابت المعلمة لحظات صمت وهي تحدق في وجهه مستغربة سؤاله، وردت عليه متسائلة من الذي يقولها؟ ولماذا؟ أجابها ببراءة قائلًا: أخي الأكبر الطالب في الصف السادس يأتي إلى أمي كل يوم بعد رجوعه من المدرسة شاكيًا بعض زملائه في الصف، بأنهم يعلقون عليه بلقب الطوفة الهبيطة بدلًا من مناداته باسمه.
وتغضب أمي وتوبخه قائلة له: لماذا لا تشكوهم لمعلمة الفصل؟ وعندما سألتها عما تعنيه هذه المقولة، نهرتني قائلة ولماذا تسأل؟
لذلك أود يا معلمتي معرفة معناها لأعرف سبب قولها لأخي في المدرسة؟ ولماذا تغضب أمي حال سماعها شكوى أخي؟
التفتت المعلمة لطلاب الفصل قائلة: نحن الآن في المدرسة ماذا يحيط بالفصول الدراسية وساحة المدرسة، تعالت أصوات الطلاب بإجابات متعددة، وكلمات مختلفة، طوفة، جدار، سور من الإسمنت، بعدها سألتهم المعلمة؛ ماذا يحيط بمنزل كلٍِ منكم، أجاب البعض منهم سور يفصل بيننا وبين جيراننا، هنا عقبت المعلمة قائلة هل هذه الأسوار أو الجدران عالية وقوية ومن الصعوبة القفز عليها أو منخفضة، يسهل العبور منها والقفز عليها.
ثم استرسلت مفسرةً لهم مقولة «الطوفة الهبيطة» بأنها عبارة عن مثل شعبي متداول في الدول العربية باختلاف اللهجات المحلية للشعوب، وتطلق على الشخص الذي يستصغره الناس لطيبته الزائدة عن الحد، وقد يحملوه بسهولة أخطاء غيره لضعفه وعدم دفاعه عن نفسه.
سؤال الطفل لمعلمته يفتح مجالًا للتفكر فيما يجري حولنا في هذا العالم المترامي الأطراف، على مستوى الأفراد، المجموعات، الشعوب، وسياسات الدول الكبرى تجاه الدول الصغرى.
هل يطبق البعض منهم سياسة الطوفة الهبيطة في تعاملاتهم الحياتية التجارية والاقتصادية والسياسية؟ ويتخذونها نهجًا يسيرون على ضوئه في تعاملاتهم ليحققوا من خلاله مكاسب متعددة على حساب غيرهم بانتهاك حقوقهم وخيرات بلدانهم.
الأمثلة في الحياة من حولنا كثيرة وقد تحدث في نطاق الأسرة، ومجالات العمل، وأنشطة الحياة المختلفة.
لذا يجب توعية الأسر والمجتمعات الانسانية بمختلف الوسائل التوعوية والتربوية لتجنب التعامل مع الآخرين بسياسة الطوفة الهبيطة درءًا للمخاطر المترتبة على استخدامها.