مناظرة هاريس وترامب بدأت بالمصافحة وانتهت بالانقسام والتناقضات
الدوحة – قنا:
أظهرت المناظرة الأولى والتي ربما قد تكون الأخيرة بين مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب مساء /الثلاثاء/ الماضي، أن الحملات الانتخابية للطرفين خلال الأسابيع المتبقية على السباق الرئاسي ستكون حامية وصعبة.
وتبادل المرشحان للبيت الأبيض المصافحة قبل أن يتجه كل منهما إلى أحد جانبي القاعة، وبدأ بعدها المذيعان بطرح الأسئلة عليهما، وكانت المناظرة هي المرة الأولى التي يلتقي فيها المرشحان لانتخابات الرئاسة، وجها لوجه، وخضعت المناظرة التي استمرت 90 دقيقة على قناة /إيه بي سي/ لقواعد صارمة، حيث تم قطع ميكروفونات المرشحين بمجرد انتهاء وقت حديثهم، لكن ذلك لم يمنع كلا من كامالا هاريس ودونالد ترامب من مقاطعة بعضهما البعض عدة مرات.
لقد شاهد الأمريكيون رئيسهم السابق ترامب في 7 مناظرات خلال السنوات الأخيرة، فيما كانت كاميلا هاريس بحاجة ماسة لتقديم نفسها للناخبين الأمريكيين، ذلك إن قسما كبيرا منهم لا يعرف عنها سوى أنها كانت نائبة الرئيس، ويبدو أنها استعدت بصورة كبيرة لهذه المناظرة بكمية كبيرة من العبارات والأفكار للرد على منافسها ترامب، الذي حاول من جانبه أن يتجنب فقدان الأعصاب واستخدام كلمات قاسية، كما تعود الأمريكيون منه.
وتبادل المرشحان للبيت الأبيض، الهجمات والاتهامات القاسية ودار بينهما جدال حاد للغاية حول موضوعات مثل الاقتصاد والهجرة غير الشرعية، وكذلك انتخابات عام 2020 وقضايا السياسة الخارجية مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا والانسحاب من أفغانستان، وقد انتهز كلا المرشحين المناظرة لتقديم نفسه للناخبين بحيوية وباعتباره الأفضل والأنسب لقيادة الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة.
وكما هو معتاد في هذه المناظرات الرئاسية، لم تهيمن السياسة الخارجية على المناقشة والحوار إلا نادرا، إلا أن المرشحين طرحا في بضع جمل، وجهات نظر متعارضة بشكل جذري، فقد تباينت مواقف ترامب وهاريس بشكل واضح، حول سلسلة من القضايا الخارجية بدءا من الحرب في قطاع غزة، ومرورا بالحرب الأوكرانية، وملف حلف شمال الأطلسي والعلاقات المتشابكة مع الصين وإيران.
في المجمل وفق المراقبين فقد كشفت المناظرة اختلافات واضحة بين ترامب وهاريس حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع القضايا الدولية، لكن الناخبين الباحثين عن رؤية جديدة وشاملة للسياسة الخارجية ربما “لم يجدوا ما يطمحون إليه” في هذا النقاش.
وقال محللون في المجلس الأطلسي، إن الناخبين الذين كانوا يبحثون عن رؤى جديدة أو خطط مفصلة حول السياسة الخارجية خرجوا بـ”خيبة أمل”، وإن ترامب وهاريس كررا مواقفهما السابقة من دون تقديم أي مقترحات أو خطط جديدة أو إستراتيجيات واضحة للتعامل مع الأزمات الدولية الراهنة.
وأضاف المحللون أن المناظرة كانت تذكيرا للأوروبيين بما هو على المحك في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وأن الأوروبيين يفضلون بشكل عام رؤية الولايات المتحدة “حليفا مستقرا يدعم الناتو” ويواجه معهم التحديات المشتركة.
ويرى محللون غربيون ومصادر إعلامية أمريكية أن المدعية العامة السابقة هاريس البالغة من العمر تسعة وخمسين عاما، تمكنت من تقديم حججها بوضوح ولم تقف في وجه خصمها البالغ من العمر ثمانية وسبعين عاما فحسب، بل تمكنت في كثير من الأحيان من وضعه في موقف دفاعي.
ووفق المحللين هزت المناظرة سباقا رئاسيا مضطربا بالفعل، لكن مساعدي المرشحين قالوا إنهم لا يعتقدون أن هذا الحدث قد غير معادلات المنافسة بشكل أساسي، وعلى الرغم من أن المناظرة تركت حملتي ترامب وهاريس تخططان للمسار إلى الأمام في منافسة معقدة ومتزايدة السخونة.
وعبر مساعدو هاريس عن ثقتهم بفوزها في المناظرة، لكنهم يبحثون عن المزيد من السبل للوصول إلى الناخبين المترددين.. إذ يعتقد فريق هاريس أن مناظرة ثانية قد تمنحها منصة أخرى قيمة للوصول إلى الناخبين الذين من غير المرجح أن يحضروا ندواتها الجماهيرية أو يتأثروا بإعلاناتها التلفزيونية.
وعلى الجانب الآخر يناقش مساعدو ترامب ما إذا كانت مناظرة ثانية ستساعد أم ستضر، بينما اعترف بعض حلفاء الرئيس السابق دونالد ترامب بأن أداءه كان سيئا في مناظرة يوم /الثلاثاء/، حتى مع إصراره علنا على أن المناظرة كانت انتصارا له.
ويأمل بعض الجمهوريين ألا يوافق ترامب على مناظرة ثانية ما لم تستضيفها قناة فوكس نيوز، مما يعكس شكاوى الجمهوريين من أن قناة /إيه بي سي نيوز/ كانت غير عادلة مع مرشحهم من خلال التحقق من صحة تأكيداته في عدة مناسبات.
وقد أظهر استطلاع رأي فوري أجرته شبكة /سي إن إن/ الإخبارية الأمريكية فوز هاريس في المناظرة بنسبة 63 بالمئة مقابل 37 بالمئة بين مشاهدي المناظرة، في حين أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة /يوجوف/ فوزها بنسبة 54 بالمئة مقابل 31 بالمائة بين الناخبين المسجلين الذين شاهدوا بعض المناظرة على الأقل.
وقد شاهد المناظرة نحو 67 مليون شخص، أي بزيادة قدرها 31 بالمئة عن مناظرة يونيو بين ترامب والرئيس جو بايدن، التي أدت في النهاية إلى انسحاب الرئيس من سباق 2024.
وشاهد مناظرة ترامب وبايدن في يونيو 51.3 مليون شخص. وسجل الرقم القياسي لمشاهدة مناظرة رئاسية عام 2016، عندما شاهد 84 مليون شخص مناظرة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون مع ترامب.
وستستضيف شبكة /سي بي إس/ مناظرة للمرشحين لمنصب نائب الرئيس في الأول من أكتوبر المقبل. وقد اختارت هاريس حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، وهو ديمقراطي من الغرب الأوسط ومعلم سابق في المدرسة الثانوية، ليكون زميلها في الترشح، واختار ترامب السيناتور جيه دي فانس من ولاية أوهايو، وهو نجم صاعد في الحزب الجمهوري.