همسة ود …. توجيه الطاقة الكامنة للإبداع
استلهمَ تود هنري فكرةَ كتابه «مت فارغًا» أثناء حضوره اجتماع عمل، عندما سأل مُديرُ الاجتماع الأمريكي الحضور قائلًا: ما هي أغنى أرض في العالم؟
فأجابه أحدهم قائلًا: بلاد الخليج الغنية بالنفط.
وأضاف آخر: مناجم الألماس في إفريقيا.
فعقب مدير الاجتماع قائلًا: بل هي المقبرة!
نعم، إنها المقبرة هي أغنى أرض في العالم، لأن ملايين البشر رحلوا إليها «أي ماتوا»، وهم يحملون الكثير من الأفكار القيمة التي لم تخرج للنور ولم يستفد منها أحد، اللهم إلا المقبرة التي دُفنوا فيها.
ألهمت هذه الإجابة تود هنري لكتابة كتابه الرائع «مت فارغًا»، الذي بذل فيه قُصارى جهده لتحفيز البشر بأن يفرغوا ما لديهم من أفكار وطاقات كامنة في مجتمعاتهم وتحويلها إلى شيء ملموس قبل فوات الأوان، وأجمل ما قاله تود هنري في كتابه «لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل في داخلك أفضل ما لديك، (اختر دائمًا أن تموت فارغًا)، فكل منا يمتلك طاقات كامنة للإبداع داخله، إلا أنها لا تظهر إلا بتنميتها وتطويرها بشتى الطرق، فالإبداع يكون بتنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد، فإذا كان الإنسان يمتلك هذه الموهبة، فعليه تحويل هذه الأفكار إلى أعمال واقعية ونتائج ملموسة، لذلك من المهم أن يسلطَ الإنسانُ الضوءَ على الطاقة الكامنة فيه للإبداع، فهذا يساعده على النمو والابتكار، فالإبداع هو قوة دافعة يمكن أن تغير من طريقة تفكير الإنسان وعمله وتفاعله مع العالم من حوله.
إن الأفكار المبدعة والمبتكرة تأتي في بعض الأحيان عند قيام الإنسان بعمل ما مثل أن يكون في محادثة مع بعض الأصدقاء، أو عندما يكون مندمجًا بقراءة كتاب بمتعة، أو منصت إلى محاضرة من شخص مبدع، (وهذا ما حدث ل تود هنري)، وقد تأتي الفكرة الإبداعية أثناء ممارسة أكثر الأعمال الروتينية والمملة مثل: غسل الملابس، أو الاستحمام فيصرخ «وجدتها»!
إن علينا أن ننظرَ إلى الفرص المألوفة بطريقة غير مألوفة. فملايين الأفكار تكون من حولنا في هذا العالم، لكن القليل جدًا من يفكر باصطيادها، وتحويلها إلى شيء ملموس. وعلينا أن نتذكرَ دائمًا أن الأشخاص الناجحين هم بشر مثلنا، وقد مروا بتجارِب ومراحل صعبة عديدة في حياتهم، وخاضوا صعوبات استحقوا بعدها لقب مبدع أو مبتكر، فمن يولد وفي فمه مِلعقة من ذهب لا يصنف ضمن الناجحين والمبدعين، إلا إذا اجتهد وعمل على زيادة ثروته ومكانته في المجتمع الذي يعيش فيه، فالفكرة المبتكرة والمبدعة تحتاج إلى عزيمة لتنفيذها، واجتهاد من صاحبها، كما تحتاج إلى صبر طويل للوصول إلى الهدف منها، أما الغريب في الأمر فهو أن يبقى الإنسان في مكانه، يكره حياته لأنه يذهب إلى وظيفة لا يحبها، ويقابل أشخاصًا لا يميل إليهم، ويحصل على راتبٍ لا يكفي احتياجاته، هنا، لا بدّ أن يعيدَ التفكير، لأن الفرص لا تأتي دائمًا، فيجب عليه وقتها أن يبحثَ عن فكرةٍ يصرخ لأجلها «وجدتها».